مشكلتنا كجمهور الإعلام العربي الذي يقرأ ويشاهد ويحلل تكمن في الوعي العام تجاه من يتصدر أحياناً المنصات الإعلامية. ندرك الأقلام والحناجر المستأجرة، لكن في هذه الأيام نعيش وعياً أكبر تكشّفت فيه مواقف حزب الله وإيران، والأدوار التي تلعبها ميليشيات إيران والحرس الثوري وفيلق القدس. نعلم أن لغة تمجيد حزب الله ومن سار على نهجه انتهى زمنها بعد أن انكشف الحزب باختراقاته الأمنية وتصفية قياداته بدم بارد، وبعمالة قادته لإيران، التي لم تتدخل لمنع قصف قرى لبنان. وكل ما قدمته لذر الرماد في العيون هو عدد من الصواريخ التي اتضح أنها لا تحمل رؤوساً متفجرة ذات تأثير حقيقي، وأنها للاستعراض فقط.
مئات الصواريخ لم تقتل سوى فلسطينياً مغلوباً على أمره. وكأننا ندرك في هذا رسالة مفادها أن الصراع الإيراني الإسرائيلي ضحاياه من العرب فقط. ومثل هؤلاء المغيبين في الإعلام العربي وأبواق النفاق الصفوي الذين يدثرون بعباءة المقاومة، بدأ الكثير منهم يفيق من الصدمة ويدرك أنَّ إيران استثمرت طاقاتهم وحناجرهم لعقود، واستنزفت أحلامهم ومشاعرهم. تاجرت إيران وأعوانها بالقضية ورفعت لواء المقاومة، وسار الكثير وراءها فرادى وجماعات. الحقيقة التي لا يريدون فهمها هي أنَّ إيران طوال هذه السنوات كانت تفاوض على امتلاك سلاحها النووي، واليوم تفاوض على ردود مسرحية عسكرية واستعراضات بين تل أبيب وواشنطن وطهران لضمان أن تكون الأضرار بين الطرفين غير مؤلمة.
إقرأ أيضاً:
متى يفيق المطبّلون لإيران ولحزب الله، ويدرك أصحاب قضية المقاومة أن إيران مشروع غربي تم إنشاؤه عام 1979، حيث وصل الخميني برفقة ضباط فرنسيين إلى طهران، لغرض واحد: خلق فوضى في الشرق الأوسط، وزعزعة التماسك العربي، وتفكيك الرأي والفكر والمحاور السياسية التي كان يمكن أن تخدم القضية الفلسطينية وتعزز صوتها. ما قامت به إيران طوال عقود هو عكس ما تدعيه، وما يتصوره المغيبون العرب اللاهثون وراء شعارات المقاومة والممانعة. اليوم يدركون أنه كان وهماً ورقصاً على آلام الشعب الفلسطيني المنهك. إسرائيل تحتل أرضه وإيران تختطف قرار المقاومة منه. دعمت حماس لتضعف السلطة الفلسطينية. كل هذا التخطيط الغربي المحكم لضمان أن تنعم إسرائيل بعدو من داخلها.