: آخر تحديث

الإرهاب القادم… عدو بلا وجوه

13
11
13

في الوقت الذي يعتقد فيه العالم أنه قد فهم طبيعة الإرهاب وتكيف مع تهديداته التقليدية، سيظهر شكل جديد وأكثر تعقيداً من العنف…!

لم يعد الإرهاب يعتمد على التفجيرات أو إطلاق النار أو حتى الهجمات البيولوجية فحسب، انما سيتحول إلى قوة خفية تتغلغل في الأنظمة الرقمية، والعقول البشرية، وحتى الجينات، إرهاب المستقبل لا يحتاج إلى جنود ولا متفجرات لأنه يعتمد على خوارزميات، فيروسات غير مرئية، وآلات ذكية تحركها عقول إلكترونية متطورة.

أحد أكثر التهديدات خطورة هو الإرهاب الرقمي، في المستقبل القريب، سيعتمد الإرهابيون على الذكاء الاصطناعي لشن هجمات لا يمكن ردعها بالطريقة التقليدية. من خلال التلاعب بالخوارزميات التي تحكم الأسواق المالية، نظم النقل، والشبكات الكهربائية، يمكن للإرهابيين إحداث فوضى شاملة دون الحاجة إلى هجوم مادي واحد. ستتحرك الأسواق بشكل غير طبيعي، وتتصادم السيارات ذاتية القيادة، وتتعطل المستشفيات الذكية، وكل هذا من خلال ضغطة زر في مكان ما على الجانب الآخر من العالم، الإرهابيون الرقميون سيستخدمون الفضاء الإلكتروني كساحة حرب جديدة، حيث تصبح الخوارزميات هي القنابل، والشبكات هي الميدان.

التهديد القادم لا يتوقف عند العالم الرقمي، في السنوات المقبلة سيصبح الإرهاب البيولوجي هو الأكثر خطورة، بفضل التقدم السريع في مجال الهندسة الوراثية، سيتمكن الإرهابيون من تطوير فيروسات تستهدف أفراداً أو مجموعات معينة بناءً على تركيبتهم الجينية، هذه الفيروسات ليست مجرد أسلحة عشوائية حيث سيتم تصميمها لتحديد أهداف دقيقة، مثل قادة العالم أو مجموعات عرقية أو جغرافية محددة. ستنتشر هذه الفيروسات ببطء وهدوء، دون أن يشعر العالم بالخطر حتى يكون الأوان قد فات والخوف الأكبر هنا هو أن هذه الهجمات لن تكون مباشرة، بل ستعتمد على التأثير النفسي، حيث يتم زرع الشكوك والخوف بين الشعوب.

من جهة أخرى، ستلعب الطائرات المسيرة الذكية دوراً محورياً في إرهاب المستقبل. هذه الطائرات لن تكون مجرد آلات صغيرة تطير في السماء، ستكون مسيرات ذكية مجهزة بقدرات تحليل البيانات واتخاذ القرارات المستقلة وستستخدم التنظيمات الإرهابية هذه الطائرات لاستهداف أفراد بارزين أو منشآت حيوية بدقة لا مثيل لها، ويمكن أن تحدث الهجمات في أي لحظة ودون سابق إنذار، ولن يكون هناك أي إنسان وراء زر إطلاق الهجوم، بل ستكون المسيرة الذكية هي الحكم والمنفذ.

ولكن ربما أكثر ما يخيف هو ظهور الإرهاب النفسي عبر الواقع المعزز والافتراضي ، مع تقدم تقنيات الواقع الافتراضي، سيتمكن الإرهابيون من استغلال هذه التكنولوجيا لغرس أفكار التطرف والعنف في عقول المستخدمين، ولن يكون المستخدمون على دراية بأنهم يتم التلاعب بهم، حيث ستتلاشى الحدود بين الواقع والافتراضي، وستُزرع الأفكار المتطرفة تدريجياً في أذهانهم، وسيتم تحويل الأفراد العاديين إلى أدوات في يد الإرهابيين دون وعيهم وسيكون هذا هو شكل الإرهاب الأكثر دهاءً، حيث لا يُجبر أحد على حمل السلاح، بل يُجبر على تغيير عقله.

إن الإرهاب القادم لا يحتاج إلى جيش من المقاتلين أو تفجيرات ضخمة، إنه إرهاب غير مرئي، يخترق الأنظمة الرقمية، والجينات البشرية، وحتى العقول، ويهدد هذا النوع من الإرهاب الإنسانية بأسرها، حيث تتلاشى الخطوط الفاصلة بين ما هو واقعي وما هو متخيل، الحرب القادمة لن تكون بين دول أو حتى بين تنظيمات، بل ستكون حرباً ضد عدو بلا وجوه، يتحرك في الفضاء الرقمي والجيني، ويخترق عقولنا دون أن ندرك وهذا هو الخطر الأكبر، الذي يتربص بنا من مستقبل غير بعيد…!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.