: آخر تحديث

أين تذهب هذا المساء؟

5
6
5

نجيب يماني

بعد سنوات من المنع والتجريم وفتاوى التحريم وأنه لا يجوز لمسلم أن يبني لها داراً، ولا أن يدير لها أعمالاً ولا يأخذ عليها أجراً، فمالها حرام، ومفسدة تؤدي بصاحبها إلى النار اعتماداً على باب سد الذرائع، باب واسع سهل الدخول منه، فتم تحويل عادات المجتمع ليحرموها من خلاله، فحرموا لسنوات دوراً تعرض فيها إبداعات العالم من المسرح والسينما وما يماثلها من فنون العصر العظيمة،

واعتبروها مضيعة للوقت رغم أنها كانت الأعظم تأثيراً والأقدر على حلحلة التحجر في العالم وإطلاق الطاقات الإنسانية.

عندما كنت طالباً في جامعة القاهرة كنت أقرأ في الصحف عنوان «أين تذهب هذا المساء؟» عشرات المسارح ودور السينما والحفلات، وكنت أتمنى أن يكون في وطني سينما ومسرح وحفلات ترفيه، فأسرتها في نفسي وتمنيتها من قلبي

حتى أشرقت على سماء الوطن رؤية قديرة سعت لإحداث تغيرات في بنية مجتمعها، بفاعلية ميكانزماتها، وسرعة إنجازها، وتقديرها السليم للواقع، واستعدادها للمعالجة مع أي طارئ وجديد، بنسب نجاح عالية تفوق المتوقع، وتتجاوز المأمول، مسنودة بفكر ووعي مبدعها ومهندسها الأمير محمد بن سلمان، الذي تجلت عبقريته في إبداع هذه الرؤية واختيار العناصر البشرية القادرة على إنزالها إلى أرض الواقع بهمة وعزيمة واقتدار، فتكاملت للرؤية كل أسباب النجاح، وفاقت غيرها بحسن التخطيط، وفاعلية التنفيذ بجداوله الزمنية الموضوعة.

من باب الرؤية استطعنا في نهاية العام الميلادي الفارط عرض أكثر من 10 أفلام محليّة في صالات السينما، ومشاركة أفلام سعودية في مهرجانات عالمية، من أبرزها فيلم نورة الذي عُرض في مهرجان كان السينمائي الدولي، كأول فيلم سعودي يتم اختياره من قِبل واحد من أكثر المهرجانات عراقة في العالم،

كما تم عرض فيلمين محليين أحدهما ليل نهار والآخر فيلم صيفي في صالات السينما السعودية التي بلغت حتى اليوم 66 صالة موزعة على 20 مدينة، وقدرة استيعابية تصل إلى 62530 مقعداً.

احتفلت المنطقة الشرقية بمهرجان أفلام السعودية في دورته العاشرة بالظهران، وشهدت المنطقة الغربية مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في المنطقة التاريخية بمدينة جدة، وأقيم في عاصمة الوطن المهرجان السينمائي الخليجي في دورته الجديدة، والدورة الثانية من منتدى الأفلام السعودي، والدورة الثانية من ملتقى النقد السينمائي الدولي في الرياض، وكان الفيلم السعودي حاضراً في عاصمة السينما الأمريكية في الدورة الثالثة من مهرجان هوليوود للفيلم العربي بفيلمين، «هجّان» الذي يشارك بمسابقة الأفلام الروائية، و«إلى ابني» الذي عرض في حفل الختام. ويعلن مهرجان تورونتو السينمائي الدولي عن مشاركة 3 أفلام سعودية في سابقة هي الأولى من نوعها، ويستضيف كريتيف ميديا سكيلز، في العلا مخيّم إبداعي يشرف عليه نخبة من محترفي وخبراء صناعة السينما، بهدف تدريب الجيل الجديد من المواهب السينمائية السعودية، وتزويدها بالخبرات اللازمة للإسهام في صناعة السينما في المملكة.

كما أطلقت هيئة الأفلام السعودية مبادرة فيلماثون لدعم الحراك السينمائي وتعزيز نمو صناعة الأفلام وتحفيز إنتاج تقنيات مبتكرة وتطويرها. وفي خطوة مباركة أعلنت الرياض عن إنشاء صندوق «بيغ تايم» الاستثماري، المخصص لرفع جودة المحتوى العربي في إنتاج وتوزيع وصناعة الأفلام، مساهمة من هيئة الترفيه ووزارة الثقافة إلى جانب مجموعة من الشركات المتخصصة في المجال، وهي شركة صلة استوديو، والوسائل، والعالمية، وروتانا للصوتيات والمرئيات، وبنش مارك، وبيسكوير للإنتاج الفني، بهدف الاستثمار في الأفلام السعودية والخليجية والعربية، مما يمثل تحوّلًا جديدًا في مسار صناعة الأفلام في المملكة، وهذا ما أكده الأمير بدر بن فرحان؛ وزير الثقافة، لموقع «سوليود» السينمائي، من أن المملكة تمتلك كل المقومات لتصبح مركزاً إقليمياً ودولياً لصناعة الأفلام، وأنّ الهدف الجوهري لهذه الصناعة من المنظور السعودي هو وصول القصص والأفلام السعودية إلى أبرز المهرجانات والمحافل السينمائية العالمية.

ويستثمر الصندوق الثقافي السعودي في قطاع الأفلام 300 مليون ريال ويطلق شراكة عالمية وتدشين مرحلة جديدة من الاستثمار في صناعة الأفلام، كما أقر الصندوق برنامج الإقراض لتمويل قطاع الأفلام لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في هذا المجال.

إنها رحلة العودة إلى الفطرة السليمة، والذوق المصقول، والتعبير الجمالي المتسق مع روح الزمان، ومتطلبات العصر. سلمت لشعبك يا مبدع الرؤية ومنزُلها على أرض الواقع.

وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد