رسائل السياسية والعسكرية الأميركية جالت خلال الأسابيع الماضية في أرجاء الشرق الأوسط، فيما بدا أن الولايات المتحدة كانت بحاجة إلى تذكير دول ومليشيات في المنطقة بأنها لا تزال صاحبة اليد العليا التي لن تسمح بكسر حدود مصالح ومسارات سياساتها في المنطقة.
أولى الرسائل الأميركية كانت لدولة قطر، بضرورة إيجاد مسار سياسي ضاغط على حركة حماس أكثر قبولاً لمبادرة الهدنة التي أعلنها الرئيس جو بايدن، خاصة أنها تحصّلت على ضمانات قطرية وتركية بقبول الحركة لتعديلات أميركية جرت على الورقة المصرية التي يدور التفاوض حولها.
الإدارة الأميركية لم تكتف بالرسالة الأولى التي سربتها إلى وسائل الإعلام، والتي حملت صيغة تهديد قطري بطرد قادة الحركة وتجميد أموالهم والحد من تحركاتهم، فأرسلت رسالة توبيخ أخرى وصلت إلى الساسة القطريين، بعد موقف حماس المتردد نتيجة ضغوط إيرانية طالبت الحركة بالمماطلة لما بعد الانتخابات الرئاسية في إيران.
أمام هذا المشهد السياسي الفوضوي، أرسلت الولايات المتحدة رسالة إلى إيران مفادها أن لا مكان لها على طاولة المفاوضات، من خلال الدفع بمزيد من التصعيد العسكري الأميركي - البريطاني في جبهة اليمن، والتصعيد الدبلوماسي عبر الفرنسيين في جبهة جنوب لبنان، في رد على محاولات إيران إعادة توحيد ما يسمى وحدة ساحات نفوذها في الشرق الأوسط.
إقرأ أيضاً: المعركة السياسية الفلسطينية- الأميركية في الأمم المتحدة
زخم الرسائل الأميركية لم يتوقف، ففي رسالة إلى حركة حماس، عبرت الولايات المتحدة عن امتلاكها أوراق ضغط داخل القطاع ترجمتها بعملية استخبارتية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي أفضت إلى تحرير اربعة أسرى إسرائيليين في منطقة مخيم النصيرات، بل وشاركت في تحريرهم من خلال مستشارين عسكريين تواجدوا في غرف العلمليات، وهو ما عبرت عنه الإدارة الأميركية سابقاً في معارضتها عملية عسكرية في منطقة رفح، بأنها تملك الأدوات التي تساعد حكومة بنيامين نتنياهو في القضاء على الحركة.
إقرأ أيضاً: صراع خفي على مركز الوسيط الأول في حرب غزة
لم تكتف الولايات المتحدة بتوجيه الرسائل إلى أعدائها وخصومها، بل وجهت رسائل إلى حلفائها أيضاً في الداخل الإسرائيلي، فلا يمكن فصل ما جرى من استقالة بيني غانتس من حكومة الطوارىء الإسرائيلية، عن كونها رسالة أميركية لأضعاف حكومة نتنياهو، ووقف تمردها بتقوية المعارضة بقطب سياسي يمتلك شعبية داخل الشارع الإسرائيلي كغانتس، ومن ناحية أخرى تفقد الحكومة الإسرائيلية وجهاً كان يحقق لها نوعاً من دعم دولي بتسويق روايتها وسرديتها حول الحرب المستمرة، مما سيزيد حتماً من الضغوط السياسية، وهو ما يعني حاجة نتنياهو أكثر إلى إدارة الرئيس بايدن، التي ستستغل ذلك في الدفع لترويض نتنياهو ووزرائه اليمينيين للقبول بهدنة يريدها بايدن وحزبه الديمقراطي لتسويقها سياسياً في معركته الانتخابية القادمة ضد خصم (دونالد ترامب)، أصبح نتنياهو يعمل على عودته ليساعده في الاستمرار بتحقيق أهدافه.