وكأنه لم يكن كافيا تخبط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بين صفقة تبادل أسرى مع حماس وإعلان هدنة وبين انهيار حكومته بسبب معارضة اليمين المتطرف لاي صفقة قبل تدمير حماس كما يقوقون والدخول إلى رفح، زد على ذلك تهديد حزب بيني غانتس الوسطي بالانسحاب من حكومة الحرب في حال رفض ابرام الصفقة إذ أن غانتس يقول إن الدخول إلى رفح لقتال حماس ضروري لكن اطلاق المحتجزين والاسرى اهم.
من جهة اخرى، تطارد نتانياهو اشباح أوامر اعتقال من محكمة العدل الدولية في لاهاي هو وأركان حربه وبات يخشى على نفسه من زنازين لاهاي المكيفة والفارهة.
اما جماهيريا، فتشهد إسرائيل بشكل متواصل تظاهرات واحتجاجات ضد الحكومة وتطالب برحيل نتانياهو وباستعادة المحتجزين والاسرى بكل ثمن وباي ثمن.
وتزداد حدة هذه التظاهرات التي تقودها عائلات المختطفين والأسرى إلى جانب تنظيم حملات ضد نتانياهو وحكومة 7 تشرين الأول (أكتوبر) التي جلبت الهزيمة لدولة اسرائيل كما يرى المتظاهرون.
بالإضافة إلى كل ما تقدم ها هو بايدن عن طريق وزير خارجيته اليهودي انتوني بلينكن يعود اليه من المملكة العربية السعودية مع عرض للتطبيع شرط اقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة اسرائيل كمفتاح للاستقرار في المنطقة والتغلب على ايران وأذرعها الهادفة لزعزعة الاستقرار ونشر الفوضى والعنف.
نتانياهو ليس فقط في ورطة بل في دوامة لا حل لها سوى غيابه عن الساحة السياسية في إسرائيل فكل حل لكل ما تقدم معناه خسارة نتانياهو من منظوره اليميني ورؤيته لدولة إسرائيل بدون دولة فلسطينية واحتلال مستمر للضفة وغزة والجولان وما يستطيع اليه سبيلا إذا كانت لديه الفرصة والإمكانية الدولية لفعل ذلك.
إذا ابرم نتانياهو صفقة مع حماس فاليمين المتشدد سنسحب من الحكومة وسيذهب لانتخابات خاسرة بحسب استطلاعات العمق التي يجريها هو.
ان لم يبرم صفقة فينسحب حزب بيني غانتس من حكومة الحرب ويعود نتانياهو لحكومة 64 اليمينية المتشددة غير الشرعية شعبيا بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، والحل يكون بانتخابات خاسرة كما تقدم.
ان دخل رفح يتورط اكثر مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وأوامر الاعتقال من لاهاي ستصله بشكل عاجل وسيرى زنازين لاهاي عن قرب وهو ربما يفضل الدخول إلى السجن في اسرائيل بسبب قضايا الفساد التي لم تتوقف برغم الحرب، وان لم يدخل رفح فسينسحب اليمين من حكومته والحل سيكون انتخابات خاسرة.
المملكة العربية السعودية وبذكاء وحنكة وضعت نتانياهو في زاوية وحيدة، الخروج منها سيكون نهايته السياسية وهذا ما يريده له البيت الأبيض إلى جانب غالبية كبرى من الشعب الإسرائيلي اليهودي تحديدا.
انهاء الحرب في غزة والذهاب إلى حل اقليمي واسع يتضمن دولة فلسطينية وحل في لبنان وسوريا منوط بشخص واحد وهو بنيامين نتانياهو رئيس حكومة اسرائيل، فهو لا يختلف عن اشخاص مروا في التاريخ وكانوا يعتقدون انهم وحدهم على حق وتطلعوا للحل النهائي والنصر المطلق والساحق والماحق لكن الشعوب وحقوقها وتطلعاتها كانت دائما اقوى من هؤلاء.