: آخر تحديث

الكويت...المأوى الديني الحنون!

42
42
30
مواضيع ذات صلة

لا أتصور أن هناك دولة مدنية أكثر حناناً في سياساتها الهشة والتغاضي الطوعي عن تطبيق القانون وفرضه مثل الكويت حيث يواصل التيار الديني المتشدد بمختلف انتماءاته وتكوينه التمدد اجتماعياً وسياسياً وإعلامياً.

لا لبس أو وهم في غياب شجاعة القرار الرسمي في مواجهة التنامي المتسارع لتمدد أدوات ووسائل جماعات الإسلام المتشدد عبر أبواق مباشرة وغير مباشرة في المراهنة على التبرير لأفعال وأقوال تحريضية على "النحر"، بل المفاخرة والتماهي في عمليات منبوذة دينياً!

ادان القضاء الكويتي بحكم التمييز المواطن الأستاذ بكلية الشريعة شافي العجمي الذي ينفذ عقوبة السجن حالياً نتيجة دعمه لجماعة إرهابية، في حين أنصاره كالدكتور عجيل النشمي و"مشايخ" متشددة بفكرها وثقافتها تتألم على وجود "الشيخ العجمي" في السجن!

العاطفة قد تكون مبررة إلى حد ما مع المساجين، ولكن لا مكان لمشاعر الشفقة على فرد تنازل بمحض إرادته عن عقله حين يقوم بالتحريض على القتل والنحر لروح بشرية والدعم المادي للإرهاب بغاية الجهاد المزعوم!

"تألم" المواطن الكويتي د.عجيل النشمي في تغريدة له على حسابه في تويتر في ابريل الماضي، وهو أحد "مشايخ" الدين في الكويت، على وجود "الشيخ شافي العجمي في محبسه" اثناء زيارة الأول للثاني، مستذكرا دور "الفقيه" للسجين شافي العجمي في "المسجد وقاعات المحاضرات"!

لا ينفع النقاش العلمي والقانوني مع جماعات لها من الحضور والجمهور في الكويت وخارجها تحت راية الدين والجهاد، فعملية التثقيف والتعليم هي مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى وليس الأفراد والمجتمع، فسلطة القرار تملكه الحكومة وحدها وليس غيرها.

دولة بلا قانون تعتبر كيانا هشاً يمكن اختراقه من قبل أي جماعات متطرفة أو منحرفة بالتفكير والتدبير ضد القانون والقواعد المدنية، فالتآكل السياسي خطر على الدولة والمجتمع، ومن المؤكد لن يخرج منه طرفا واحدا مستفيدا.

ليس المطلوب ولا المنشود الانقلاب على دستور الكويت والقوانين ولا التحريض ضد جماعة بعينها، وانما الواجب على الحكومة الإدراك أن نار التطرف نالت من الكويت ومن الممكن أن تعود إليها بشكل غير تقليدي، لطالما مصادر الإرهاب الفكري والتشدد معلومة المنشأ!

لا يمكن للفكر الديني المتطرف الانتشار في المجتمع والدولة دون وجود هيمنة غير خفية لجماعات موالية للتشدد والعنف، ولعل أولى الخطوات الإصلاحية تكمن في هيكلة جذرية لمركز الوسطية التابع لوزارة الأوقاف والوزارة ذاتها كبداية ضد الغلو والإرهاب الفكري بعد سنوات من الفشل في نشر التسامح والتعايش الديني مع الأخرين. 

تهاونت الحكومة الكويتية كثيرا مع التمدد الديني المتشدد وخطاب التطرف دون اتخاذ القرار الجريء في التصدي القانوني والسياسي الحازم للفكر المتشدد وذلك بسبب تواضع المعرفة الحكومية بمخاطر هذه الجماعات على الدولة والمجتمع والتهاون في بسط السيطرة على مصادرها.

ينبغي على حكومة الكويت رصد وتحليل التصريحات والآراء ذات الطبيعة المتطرفة والتحريضية ضد الأمن وسلامة البشرية عموما حتى تنعم الكويت وأهلها في هيبة تطبيق القانون بصورة غير عشوائية ولا انتقائية ودعم المجتمع الدولي في التصدي لظاهرة الإرهاب الفكري والعنف الديني.

الدولة، دون ادني شك، تتحمل المسؤولية الأهم والأكبر في تحول الكويت إلى مأوى حنوناً للتيار الديني المتشدد على المستويات الاجتماعية والإعلامية على خلاف سياسات دول شقيقة في التصدي لمنابع التشدد الديني وليس احتضانه!
*إعلامي كويتي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف