يسعى النظام الايراني إعلاميا وسياسيا من أجل إستغلال إعادة الدبلوماسي، أسد الله أسدي، الى إيران الى أقصى حد ممكن، وذلك من أجل التغطيـة على أوضاعه السيئة التي باتت تتفاقم أكثر فأكثر من دون أن يكون هناك أدنى بادرة لتحسنها.
في عودة أسدي لطهران لئن كانت هناك الكثير من الامور التي تلفت النظر وتثير السخرية وفي مقدمتها إستقباله إستقبال الابطال، لكن أكثر ما لفت النظر أن يكون من بين مستقبليه رئيس لجنة حقوق الإنسان في السلطة القضائية، كاظم غريب آبادي، وذلك للدلالة على إن أسدي قد تعرض لإنتهاك حقوقه كإنسان، وتعرض لظلم كبير ولمحاكمة غير عادلة، وهو أمر سبق وإن كان النظام الايراني قد إتهم به السلطات البلجيكية، لكن لا يبدو إن هذه المزاعم تنطلي على أحد، إذ أن سبب الإعتقال والتحقيق والمحاكمة التي جرت لأسدي وكلها كانت سليمة وتحت الاضواء، كانت على خلفية قيادته لجموعة إرهابية بهدف تفجير التجمع السنوي للمقاومة الايرانية في باريس عام 2018، ولا سيما بعد كشف وإفتضاح جلبه لمتفجرات من طهران الى فيينا بهدف إستخدامها في عملية التفجير. في حين إن عامل الاغاثة البلجيكي هو من قد تعرض لظلم كبير وإنتهاك غير مسبوق لإنسانيته بإتهامه كذبا بالتجسس والحكم عليه في المحاكم الايرانية التي تشكك الاوساط القضائية الدولية بعدالتها، والحق كان الاحرى ببلجيكا أن تقوم بما قام به النظام الايراني لأسدي لدى عودته.
لعل أكثر ما يبعث على السخرية والتهكم والاستهزاء على خلفية إعادة أسدي لإيران، هو ما صرح به المتحدث بإسم وزارة الخارجية، ناصر كنعاني بقوله: "الكشف عن سيناريو الكذبة الكبيرة الأميركي الإسرائيلي بهدف تعكير العلاقات بين أوروبا وطهران"! وكأن ما قد جرى أمر غير مسبوق وطارئ على النظام الايراني، وإن عمليات إغتيال كاظم رجوي، القيادي في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في سويسرا وإغتيال عبدالرحمن قاسملو، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني في فيينا، وعملية مطعم ميكونوس في برلين التي إستهدفت الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني صادق شرفكندي وثلاثة من مساعديه "فتاح عبدولي، هومايون أردلان، نوري دخردي" حيث أصدر المدعي العام الاتحادي الألماني مذكرة اعتقال بحق وزير الاستخبارات الإيراني علي فلاحيان بتهمة التخطيط والإشراف على تفجير المطعم، هذا الى جانب نشاطات أخرى طويلة وعريضة لا يسع لها هذا المجال الضيق، فإننا نتسائل؛ هل كانت كلها من تدبير المخابرات الامريكية والموساد؟!!
سعي النظام الايراني من أجل اللعب بالكلمات والتغطية على الحقيقة الاساسية بأن أسدي لم يكن سوى إرهابيا متخفيا تحت رداء دبلوماسي، هو سعي خائب ولا يمكن أن ينطلي على أحد، وإن تورط النظام الايراني في العمليات والنشاطات الارهابية من خلال إستخدامه لسفاراته ولمٶسساته الاخرى في مجالات الاغاثة الانسانية وغيرها، وهو أمر تكرر في العديد من دول العالم، لكن الذي يجب قوله هنا، إن موقف المجتمع الدولي من هذا الاتفاق المخزي الذي تم إبرامه بين النظام الايراني وبين الحكومة والذي تم بموجبه الافراج عن إرهابي مدان ومحكوم بالسجن مقابل عامل إغاثة بلجيكي متهم كذبا بالتجسس، موقف يدعو للإستغراب، لأنه بمثابة تشجيع لإستخدام الابتزاز والكذب والتلفيق من أجل إعاقة تنفيذ أحكام قضائية ضد إرهابيين.