: آخر تحديث
حذرت من أن نتائجها قد تكون كارثية على مستوى عالمي

بكين: تجنبًا لحرب تجارية نواصل المحادثات مع واشنطن

145
152
139

إيلاف من بكين: أعلن وزير التجارة الصيني تشونغ شان الأحد أن الصين ستواصل المحادثات مع الولايات المتحدة لتجنب حرب تجارية "كارثية" للعالم، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الدولة الآسيوية العملاقة "ستدافع عن مصالحها بحزم".

وقال الوزير الصيني للصحافيين "أستطيع أن اقول لكم إننا سنواصل مناقشاتنا حول هذه الموضوعات، وقنوات الاتصال لم تقطع (...) لأن لا أحد يريد حربًا تجارية". أضاف "نحن لا نتناقش فحسب، بل اتفقنا على مواصلة المناقشات". تأتي تصريحات وزيرة التجارة الصيني بعد فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسومًا على واردات الولايات المتحدة من الفولاذ والألمنيوم.

وقال تشونغ على هامش الدورة السنوية العامة للبرلمان الصيني إنه "في هذا النوع من المفاوضات لا يمكن لطرف أن يتحرك بمفرده". يذكر أن الصين الدولة الأولى المنتجة لهاتين المادتين في العالم، تؤمّن جزءًا صغيرًا من مجمل الواردات الأميركية في هذا القطاع (2.7 بالمئة من الفولاذ، و9.7 بالمئة من الالمنيوم). لكنها تواجه انتقادات بسبب إنتاجها المفرط المدعوم ماليًا من الدولة إلى حد كبير.

وتخشى الصين التي تواجه تحقيقات وإجراءات عديدة اتخذتها الولايات المتحدة لمكافحة الإغراق، تصعيدًا يمكن أن يزعزع الاقتصاد الهش أصلًا للعالم. وقال تشونغ إن "حربًا تجارية لن يكون فيها منتصر، ولا يمكن أن تكون إلا كارثية للصين والولايات المتحدة وسائر العالم". أضاف إن "الصين لا تريد حربًا تجارية، ولا تريد إطلاق" حرب من هذا النوع.

لكن بكين المستعدة للتفاوض، تلوّح أيضًا بإجراءات انتقامية. وقال تشونغ: "نحن قادرون على مقاومة أي تحدّ، وعلى الدفاع بثبات عن مصالح البلاد والشعب". لكنه لم يوضح أنواع السلع الأميركية التي قد تنوي الصين اتخاذ إجراءات ضدها. 

وفتحت الصين أساسًا تحقيقًا في إطار مكافحة الإغراق حول الشعير الأميركي، ولا تستبعد إدراج الصويا أيضًا فيه. والرهان كبير، إذ إن الصين اشترت في العام الماضي كميات من الصويا الأميركي بقيمة 14 مليار دولار.

وعلى الرغم من تحذيرات شركاء الولايات المتحدة، وقع ترمب قرار فرض رسوم بنسبة 25 بالمئة على واردات الفولاذ ، و10 بالمئة على واردات الألمنيوم. ويفترض أن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ خلال 15 يومًا. لكنه تبنى موقفًا أكثر ليونة نسبيًا حيال الصين، وتحدث عن مفاوضات جديدة لخفض العجز التجاري لواشنطن.

وقد بلغ هذا العجز 275.8 مليار دولار في 2017، وهو مستوى قياسيًا حسب الجمارك الصينية، لكن 375.2 مليار دولار بحسب واشنطن. وأشار تشونغ الأحد إلى هذا الفارق في التقديرات. وقال إن الإحصاءات الأميركية "تضخم" الحجم الحقيقي للعجز.

وقال إن الخلل في المبادلات عبر المحيط الهادئ "بنيوي"، مذكرًا بأن الولايات المتحدة تصدر خدمات أكثر من السلع، مشيرًا إلى أن القيود التي تفرضها واشنطن على تصدير المنتجات التقنية التي تعتبر حساسة تساهم في زيادة العجز. أضاف إن الصين من جهتها "لا تكفّ عن الانفتاح" على الشركات الأجنبية. لكن واشنطن والاتحاد الأوروبي يدينان باستمرار السياسة الحمائية للصين والقيود التي تفرضها على الشركات الأجنبية.

مطالبة الاتحاد الأوروبي بخفض رسومه
هذا وجدد ترمب السبت مطالبته الاتحاد الأوروبي بإزالة الرسوم الجمركية التي يفرضها على المنتجات الأميركية من أجل إعفاء حلفائه من الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم.

أدلى ترمب بتصريحاته في أعقاب محادثات شاقة في بروكسل بين المفاوضين الأوروبيين والممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتايزر في محاولة لنزع فتيل أزمة يخشى كثر تحوّلها إلى حرب تجارية شاملة.

وأعلنت المفوضة الأوروبية لشؤون التجارة سيسيليا مالمستروم أن الولايات المتحدة لم تقدم السبت إيضاحات كافية حول كيفية إعفاء أوروبا واليابان من رسوم مثيرة للجدل، فرضتها واشنطن على وارداتها من الفولاذ والألمنيوم، مشيرة إلى أن المحادثات ستستأنف في الأسبوع المقبل.

كتب ترمب على تويتر: "الاتحاد الأوروبي بلدان رائعة، تتعامل بشكل سيء جدًا مع الولايات المتحدة في التجارة، وتتذمر من الرسوم المفروضة على الفولاذ والألمنيوم". تابع الرئيس الأميركي "إذا ما تخلوا عن عوائقهم الرهيبة والرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية سنتخلى عن رسومنا. وإلا فسنفرض ضرائب على السيارات، إلخ".

وأورد بيان للاتحاد الأوروبي عقب المحادثات أن الاتحاد الأوروبي واليابان "كشريكين عريقين للولايات المتحدة أكدا أمام السفير لايتهايزر أنهما يتوقعان إعفاء صادراتهما إلى الولايات المتحدة من زيادة الرسوم". لكن، وبعد محادثات ثنائية مع لايتهايزر، أعلنت مالمستروم على تويتر: "لم يتم تقديم توضيح فوري بشأن إجراء أميركي محدد للإعفاء، لذا فإن المحادثات ستستأنف في الأ  سبوع المقبل".

مواجهة الغباء بالغباء
ذهبت المفوضية الاوروبية بعيدا في مواجهة الرسوم الاميركية الاخيرة معلنة عن قائمة منتجات اميركية قد تشملها اجراءات مضادة اذا تم فرض رسوم على الصادرات الاوروبية.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر متهكمًا على الرئيس الأميركي بقوله إن الاتحاد الأوروبي قد يعمد إلى "مواجهة الغباء بالغباء". رد ترمب خلال زيارته غرب بنسيلفانيا، القلب النابض لصناعات الفولاذ في الولايات المتحدة، حيث تباهى بالرسوم التي فرضها منتقدًا رداءة نوعية الفولاذ المستورد، وقال وسط هتافات مؤيدة: "ليس نوعًا جيدًا من الفولاذ، أنتم تعرفون ما أعنيه. إنه خردة".

وأكد ترمب أن خطوته ستحفز النمو الاقتصادي في المنطقة. أضاف "هناك الكثير من مصانع الصلب التي تفتح أبوابها الآن بسبب ما قمت به. لقد عاد الفولاذ، وعاد الألمنيوم".

لم يدل لايتهايزر، وهو من كبار مؤيدي شعار ترمب "أميركا أولًا"، بأي تعليق رسمي بعد المحادثات، إلا أن الأطراف الثلاثة اتفقوا على سلسلة من الخطوات اللاحقة لمواجهة فائض إنتاج الصلب وغيره من المواد عالميًا، وخاصة في الصين.

وقال مسؤول أوروبي طالبًا عدم كشف هويته إن هذا التقدم "لم يكن متوقعًا"، ويدعو إلى تفاؤل حذر بشأن حل الخلاف حول الرسوم. تابع المصدر "إذا كان ترمب يريد من حلفائه أن يبدوا متحدين في التصدي للمشاكل مع الصين، فهذا ما حصل بالتحديد".

استهتار أميركي
ومع بلوغ التوتر أعلى مستوياته، تكتم المسؤولون حول ما جرى تداوله في الاجتماع، وحاولوا إبقاء التوقعات دون مستوى تحقيق أي اختراق. وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية يركي كاتاينن الجمعة: "لا تتوقعوا حل كل شيء (...) إنه مجرد اجتماع، وليس الاجتماع الحاسم".

تتضمن قائمة الاتحاد الأوروبي للرد على قرار ترمب، إضافة إلى الكثير من منتجات الصلب الأميركية، فرض رسوم على منتجات أخرى، كزبدة الفستق وسراويل الجينز وويسكي بورون.

واتهمت ألمانيا، إحدى أكبر الدول المصدرة في العالم، والتي يشير إليها ترمب مباشرة بأصابع الاتهام، الولايات المتحدة بممارسة الحمائية، معتبرة الرسوم بمثابة "استهتار بالشركاء المقربين". وحذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنه "ما من أحد سيخرج فائزًا من هذا السباق نحو الهاوية".

بدوره قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن ترمب يخاطر باستدراج "حرب تجارية" مدمرة للطرفين. وكان ترمب أعلن أنه سيتم إعفاء كندا والمكسيك من الرسوم التي ستدخل حيز التنفيذ بعد 15 يومًا، قبل أن يضيف أستراليا إلى قائمة الدول المرجح أن يتم إعفاؤها من الرسوم.

وفي تصريح زاد الأمور تعقيدًا، قال ترمب إن إعفاء أستراليا مرتبط بـ"اتفاق أمني" خارج إطار السياسة التجارية. سلط تصريح ترمب هذا الأضواء مجددًا على انتقاداته لألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، التي يتهمها الرئيس الأميركي بالمساهمة بنسبة أقل بكثير من الولايات المتحدة في تمويل حلف شمال الأطلسي.

يصدّر الاتحاد الأوروبي سنويًا إلى الولايات المتحدة ما قيمته نحو خمسة مليارات يورو من الصلب، ومليار يورو من الألمنيوم، وبحسب تقديرات المفوضية الأوروبية فإن الرسوم التي فرضها ترمب قد تكلف التكتل نحو 2.8 مليارات يورو. ويخطط الاتحاد الأوروبي لتطبيق تدابير تهدف إلى حماية قطاعه الصناعي، عبر حظر تصدير الصلب والألمنيوم، للحؤول دون تدفق الإنتاج الأجنبي على الأسواق الأوروبية، وهو إجراء تسمح به قوانين منظمة التجارة العالمية.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد