: آخر تحديث
يشير إلى ضرورة مراعاة الحدود وشروط الإمكان المتاحة

سياسة الحضارة وسياسة الإنسانية في "الطريق " لإدغار موران 

38
37
30

قدم إدغار موران –في الطريق –من أجل مستقبل الإنسانية -تصوّره للحضارة الغربية وللزمن الكوكبي، ورؤيته للأنا والآخر وسياسة الإنسانية وسياسة الحضارة؛ كما قدم مقترحات خاصة بالإصلاح وفلسفته وطرقه ومراحله.

1-الغرب وأدواء الكوكبة 

نعرف الآن – حسب إدغار موران-توحيدا تقنيا –اقتصاديا للعالم ،بعد انطلاق مسار الكوكبة غب انهيار الاقتصاديات الاشتراكية في نهاية الثمانينيات. وتتميز الكوكبة بتثمين مسارات الدمقراطية وحقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة خاصة ؛وشهدت في اعتباره ثلاث سيرورات ثقافية متنافسة ومتعارضة ومتصارعة في ذات الآن وهي :سيرورة التوحيد المعرفي استنادا إلى المعايير والنماذج الأمريكية و سيرورة مضادة وهي سيرورة : الممانعة الثقافية وإثبات الخصوصيات والسمات الأنثروبولوجية للثقافات التقليدية الطرفية و سيرورة التهجين الثقافي.
يتميز العصر الكوكبي، حسب موران ، بتكامل وتنافس ثلاث نزعات: النزوع إلى المجانسة والتنميط والنزوع إلى تجديد الفرادات الثقافية المحلية، والنزوع إلى خلق أنماط جديدة من التناغم.
كان انتهاء الداء الكلاني ،إيذانا باستشراء  داءين أساسيين ،حسب موران هما :داء الرأسمالية المالية من جهة وداء التعصب الإثنو-ديني من جهة أخرى.
تتحكم في الحضارة الغربية، حسب إدغار موران،أربعة محركات غير متحكم فيها راهنا وهي : العلم والتقنية والاقتصاد والربح.
وعلاوة على ما سبق، يعاني الغرب من قصورين معرفيين جوهريين:
1-تجزئة المعارف والفصل بينها واستبعاد المقاربة التناهجية في تناول وتدبر المشكلات والإشكاليات المعرفية والثقافية الجوهرية؛

2-التمركز حول الذات الغربية وادعاء امتلاك الكوني تبعا لذلك

ولتجاوز هذه الوضعية المعرفية يراهن على المعرفة المعقدة، لفهم ما يجري، محليا وكونيا، والتغلب على المعارف المضللة ومجابهة معضلات الكوكبة.
تولد الكوكبة -حسب سفر "الطريق" أزمات متوالية ومتصاعدة، بالنظر إلى ما يلي:
-افتقارها إلى آليات التقنين والضبط في ميدان الاقتصاد والمالية (الأزمة الاقتصادية والمالية في سنة 2008). لقد قادت هيمنة الرأسمالية المالية المنفصلة، عمقيا، عن الاقتصاد الحقيقي إلى أزمة اقتصادية ومالية طاحنة(2007-2008)؛
-تدهور الأنساق والنظم البيئية واحتداد الأزمة البيئية:
 لقد أفضى التطور المطرد للعلم والتقنية والإنتاج والاستهلاك إلى تدهور الأنساق والنظم البيئية محليا وكونيا(تلوث الوسط الحضري  والتلوث الزراعي  وتلوث الأجواء وتدهور التربة وتراجع منسوب الفرشات المائية ،وإزالة الغابات والتصحر والانحباس الحراري.).
-تصاعد التفاوتات الاجتماعية شرقا وغربا، واستمرار تدهور التضامنات التقليدية جراء استفحال الفردانية والقيم الاستهلاكية؛
-عدم قدرة السياسي على التفكير النقدي الخلاق في المستجدات وفي تدبر التركيب والتعقيد الملازمين للمشكلات وإشكاليات الكوكب راهنا.
ولعل تفكك الإنسانية الكونية ،أن يكون أحد التجليات الأكثر دلالة ،وكشفا عن الاستعصاء الحضاري واعتلال الاجتماع الإنساني  الراهن .
 (تتفكك الإنسانية الكونية لصالح هويات وطنية ودينية، مع أنها لم تصر بعد إنسانية كوكبية تحترم الرابط الوثيق بين الوحدة والتنوع الإنسانيين. )  -1-
ثمة بربريتان تميزان عصر العولمة ،بربرية نابعة من تواريخ وإيحاءات وخلفيات  أنثربوبو-تاريخية  وثقافات قديمة ،وبربرية نابعة من هيمنة الحساب والكم والتقنية. ليست الرأسمالية المتحررة من الضوابط هي الخطر الوحيد المحدق بالإنسانية في العصر العولمي-في اعتباره-  بل هناك مخاطر :التعصب والكلانية .
من السمات البينة للعولمة/الكوكبة: الاحتمالية وتكافؤ الأضداد؛ ولذلك من الضروري، الانفلات من التحيزات والمسبقات والنظر الجزئي، و إعمال آليات الفكر المركب ،ورصد كل الإمكانات والاحتمالات الواردة معرفيا وسياسيا وتاريخيا .فالعولمة حبلى بممكنات إيجابية (إمكان انبثاق عالم جديد)وبممكنات سلبية بكل المقاييس( الحروب الحضارية والتدمير والتدمير الذاتي ).
 وحيث إن التوحيد التقني –الاقتصادي للكوكب في أزمة مستفحلة، فمن اللازم، في اعتباره، التفكير في "طريق" جديد ،لعل الإنسان الكوكبي ،يستفيد من علاماته لاستنقاذ الفرادة والتعددية ،ويحافظ على مخزونات الطبيعة ويعيد للحياة ألقها وتوهجها الوجودي.

3-نقد الحضارة الغربية

إن الحضارة الغربية معتلة-حسب موران- بسبب تطورها نفسه .ولهذا الاعتلال تجليات أخلاقية وثقافية ونفسانية .يتولد الاعتلال الثقافي ،من الافتتان بالفصل والتجزيء والافتقار إلى القدرة على الربط والوصل والجمع والتفكير في المشكلات الجوهرية ؛ويتولد الاعتلال الثقافي –النفساني  كذلك من الاعتماد الكلي على منطق اقتصادي لا يحتفل إلا بالنمو ونسبه ،والتنمية ومعاييرها  ،والمؤشرات الكمية وسلطتها.أما الاعتلال الأخلاقي ،فصادر عن أنانية ونرجسية ماحيتين للتضامن والروابط الجماعية.فحين يجتمع التخصص المفرط والفردانية المفرطة وغياب التضامنات الجماعية ،يستوطن الشقاء الكينونة، مهما توافرت الشروط واللوازم  والكماليات المادية.
إن هذه الاعتلالات الثلاثة، هي التي تفسير، ولو جزئيا، الإقبال الغربي، على بوذية الزن والتحليل النفسي والعلاج النفسي واليوغا والتصوف والغنوصية.
لقد أضحت الحلول المقترحة على الغير لإخراجه من عطالته الحضارية والتاريخية، مشكلات غربية، لا تفلح النظريات والمقاربات المعتمدة على التنافسية والمؤشرات الكمية في الإحاطة الشاملة بها.
ثمة أزمة كبرى، تمس الغرب وتحدد مصيره ، ولها ثلاثة وجوه حسب موران :أزمة التنمية ،و أزمة التغريب وأزمة العولمة.
ينتقد موران فكرة النمو والتنمية ،لتجاهها المعايير والمبادئ والسياقات الثقافية والاجتماعية المختلفة ؛ففكرة  التنمية  في اعتباره فكرة غير نامية من حيث المبدإ .تنهض فكرة التنمية على أفضلية المعايير والمبادئ والنماذج الغربية واعتبارها النموذج الكوني المحتذى ،وعلى التنكر للخصائص والسمات الذاتية للمعايير والنماذج غير الغربية . إن التنمية الناتجة عن المركزية الاجتماعية الغربية  ،آلة للتغريب اللامعقول في تصوره .ومن المستبعد في السياق العلائقي والجيو-سياسي الراهن  ،أن يتمكن سكان  باقي العالم من تملك فضائل وإنجازات الحضارة الغربية ( حقوق الإنسان و الحريات والديمقراطية والفعالية والنجاعة  ..) .
وكما مس الاعتلال نماذج التنمية، فإنه مس بالقدر نفسه، الحقل السياسي الغربي، والديمقراطية التمثيلية بصفة خاصة.
إن الديمقراطية التمثيلية غير كافية ولا سيما بعد تزايد تحديات العصر الكوكبي. من الضروري، إذن، تثبيت أسس الديمقراطية التشاركية على المستوى المحلي تحديدا، وتجديد الفكر السياسي المجمد راهنا. ومن البين، أنه يشدد على إعادة بناء الفكر السياسي، والاعتماد على الممارسات والخبرات الميدانية على المستوى المحلي.

4-ضرورة التحول 

إن سؤال الطريق الجديد والتحول هو سؤال القرن الحادي والعشرين بامتياز في اعتبار إدغار موران.
من الضروري تغيير الطريق، وإقرار التحول، والحد من الدفق التقني-العلمي –الاقتصادي والحضاري المهيمن راهنا للخروج من عنق الزجاجة.
وحيث إن عصرنا عصر أزمة حضارية –كوكبية كبرى، صار من الضروري في نظره، إعادة النظر، جذريا، في الأساسيات، والانخراط الفعلي والجاد في استشكال معمم لكل البناء الثقافي-الحضاري القائم، شرقا وغربا.
من اللازم، إذن، تغيير النهج والطريق، وإحداث ما يسميه بالتحول، من أجل أنسنة العلائق والروابط، وإنجاز نقلة نوعية في المسار الثقافي-الحضاري للإنسان الكوكبي.
من علامات الطريق المرتجى ،التحرك الفعال والخلاق بين الكوكبي والمحلي ،والتفاعل الحاذق مع المتغيرات دون الارتهان الكلي ،كما هو الواقع حاليا ، بالمعايير والموجهات الفكرية للرأسمالية المعولمة والليبرالية الجديدة.
يجب في اعتباره أن نعولم و أن ننفتح على الخصائص والقدرات والمقدرات المحلية والجهوية ،وأن نعتني بالنمو وبنقضيه ،وأن نحافظ على الموجود ونحوله .فكما يجب تعديد وتكثير سيرورات التواصل والعولمة الثقافية ، يجب بلورة وعي كوني متماسك ،وتعضيد سياسة الحضارة الساعية إلى انعاش التضامنات الجماعية والروابط البينية.لا مناص  اذن ،من تقوية الروابط بين المحلي والكوني ،والعودة إلى الماضي (المهن والحرف والصنائع التقليدية)من أجل الانخراط في مسارات المستقبل.
وكما يجب الحرص على الرفع من النمو ونسبه وتعزيز الخدمات، يجب ترشيد الإنتاج والاستهلاك.
وإذا كانت التنمية مهاد الفردانية، ومقرونة بالفعالية والنجاعة والمردودية، فإن الإحاطة مقترنة بالجماعة ونسقها القيمي وجذورها الثقافية، وشاعرية العيش.
وليست المحافظة على المعارف والخبرات والممارسات الجماعية التاريخية في ظنه ،ترفا ،في زمان التجدد  العلمي -التقني المتواصل .إن الوصل رفيق الفصل ،في مسيرة التحول الحضاري -الكوكبي المرغوب.

5-تصور العصر الكوكبي

لا يمكن تحسين العلائق بين الأفراد والجماعات والشعوب، دون امتلاك رؤية واضحة ومتناسقة ومتماسكة   للعصر الكوكبي وخصائصه ورهاناته وتحدياته .لا يكفي ،في هذا السياق ،امتلاك رؤية مخصوصة للعالم والإنسان والمجتمع والتاريخ ، بل لا مناص من امتلاك رؤية متماسكة للعصر الكوكبي نفسه.
لا تعتني النخب السياسية، بتطوير الفكر السياسي، وتكتفي بتقارير الخبراء والإحصائيات والمؤشرات الكمية واستطلاعات الرأي العام. والحال أن فهم العصر الكوكبي وتعقيداته، يتطلب امتلاك ثقافة متماسكة، قادرة على استثمار الموروث الثقافي الإنساني والعلوم الإنسانية والمناهج المختلفة والتفكير المتروي في التعقيد والتركيب ومناطق الالتباس والغموض في الوجود والعالم والإنسان.
إن التعويل الحصري على الاقتصاد والمؤشرات الكمية، يفقر السياسي ،إذ يحرمه من مخزون معرفي وذخيرة منهجية لازمة لإدراك التركيب والتعقيد الملازمين لأي ظاهرة اجتماعية-سياسية-ثقافية .وبدلا من استيحاء مرجعيات ومناهج مختلفة ،للإحاطة العميقة والشاملة بالمشكلات السياسية والإنسانية ،يتم التعويل –حسب نص "الطريق "-على النمو المستمر والتنافسية والرفع من الناتج الداخلي الخام ورفع القيود طورا وفرض سياسة التقشف طورا آخر.
لا يمكن التجاوب مع رهانات الحاضر الكوكبي ،دون بلورة فكر سياسي معقد ،يأخذ بعين الاعتبار التفاعلات والترابطات والاحتمالات والتناقضات القائمة بين الظواهر السياسية-الحضارية .ولا يمكن بناء هذا الفكر السياسي الجديد ، في اعتباره دون الصدور عن رؤية ثلاثية للإنسان (الفرد-المجتمع-النوع)،وتركيبة الفرد(الإنسان العاقل/الإنسان المخبول، الإنسان الصانع/الإنسان الخالق للأساطير،الإنسان الاقتصادي/الإنسان اللاعب). يتوجب-في اعتقاده - أن يملك الفكر السياسي المرتجى القدرة على التفكير في العصر الكوكبي من جهة وعلى إعداد طريق الخلاص المشترك أو التحول النوعي المتوخى من جهة أخرى .كما يتوجب أن يراعي هذا الفكر ،مقتضيات موجهين :سياسة الإنسانية وسياسة الحضارة وأن يفكر، بعمق وبدربة وباستمرار  وفي ذات الآن في الكوكبي والقاري والوطني والمحلي.

5-رهانات سياسة الإنسانية 

تنهض سياسة الإنسانية كما يراها موران على مفهوم الأرض-الوطن ،المتضمن للوعي بالمصير المشترك والهوية المشتركة والجذور الأرضية المشتركة للإنسانية .ينهض هذا المفهوم على رغبة كبيرة في المحافظة على الوحدة والتعددية في ذات الآن .ترنو سياسة الإنسانية إلى تجاوز فكرة ومفهوم ونماذج التنمية ،بما في ذلك التنمية المستدامة ،ورفض التخلف وتبعاته ،الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية والتربوية.
لم تعد فكرة التقدم-في اعتقاده-مقنعة، لا نظريا ولا تاريخيا، بالنظر إلى ما حف بها من قصور نظري وما اكتنف مسارات التنمية في الغرب والشرق والجنوب من مخاطر اقتصادية ونووية وإيكولوجية وكوارث وهشاشة وخوف شبه رهابي من المستقبل.
تهدف سياسة الإنسانية –كما فكر فيها موران -إلى بلورة طرق إصلاحية، مساعدة على التقليص التدريجي من الفوارق والاختلالات، لا إلى تحقيق مساواة كلية، مدمرة، بالضرورة، للتعدديات الإنسانية.
تقتضي سياسة الإنسانية، تحقيق تساوق كبير بين أفضل ما في الحضارة الغربية والإسهامات الثقافية -الحضارية للحضارات غير الغربية وتوليد مسار حضاري جديد. من الضروري، الجمع بين أفضل ما أنتج في السياقات الثقافية-الحضارية الغربية وهي –في اعتباره-(التقليد الإنساني والفكر النقدي والنقد الذاتي والمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة والطفل)،وأحسن ما أبدع في المجتمعات التقليدية ( الروابط الجماعية ، والعلائق الوثيقة بالطبيعة والكون والمعارف العملية.).
إن سياسة الإنسانية هي سياسة تحقيق التناسق أو التساوق على الصعيد الكوكبي، والانخراط الكلي في دورة الأخذ والعطاء بلا توقف. وبناء على هذا الإبدال، يصير من الممكن –مثلا-الجمع أو تجسير الفجوة على الأقل بين الطب الغربي والممارسات العلاجية العتيقة والتقليدية.

علاوة على الفكر الرمزي-الأسطوري –السحري ،،تتوافر المجتمعات العتيقة-حسب موران - على فكر عقلاني-تقني –عملي .ويتميز إنسانها ،خلافا للإنسان الغربي الغارق في الرفاهية المادية  الناتجة عن التخصص ،بكفاءاته المتعددة ومعرفته العملية ودرايته بخصائص النباتات وفوائدها الطبية مثلا. هل تنطوي أراء موران عن تعدد كفاءات إنسان المجتمعات العتيقة ،عن حنين لأطوار حضارية ،تجاوزتها الحضارة الإنسانية في طورها الحديث وفي طورها الكوكبي؟ ألا يتوجب، في الواقع، إعادة النظر في التخصص وعقلنته ،لا رفضه من حيث المبدإ ؟ألا يتوجب استحضار الشروط والمقتضيات الأنثروبولوجية والتاريخية والمعرفية في تفحص رؤى المجتمعات العتيقة؟ 

ولا ندري في الحقيقة ،كيف يمكن تحقيق التناسق بين بنيتين ثقافتين ،لا تتقاسمان المشتركات المنهجية والإبستمولوجية والنظرية وتختلفان جوهريا في قراءة العالم والإنسان والتاريخ و تصور مفاعيل الإرادة البشرية هنا والآن .فكيف يمكن تحقيق التناغم بين ثقافة قائمة على النقد والفحص والاستقصاء والنقد الذاتي ،وثقافات تقليدية مؤسسة على الاتباع والانتظام الكلي في مسارات تراثية أو تاريخية أو سرديات ثقافية مرتهنة برؤى ألفية ؟ألا تنهض سياسة الإنسانية ، في العمق ،على رغبة في تسوية ثقافية أو توافق معرفي-ثقافي –حضاري في زمان تعدد الثقافات وتوحد الحضارة ؟ألا يتوجب تحقيق توازن ثقافي عن طريق إصلاح ثقافي شامل يطال ثقافة الغرب والثقافات المتمسكة بيقينياتها التداولية في أطراف المنظومة الغربية ،قبل الانكباب على التناغم الكوكبي المنشود ؟أليس التمركز حول الذات وسردياتها المؤسسة ،القاسم المشترك بين الثقافات العتيقة والتقليدية والحديثة ، بشهادة المعاينات والدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية (الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية وتاريخ الأديان ) ؟

لقد أنتج الغرب أساطير معاصرة في اعتباره ، واعتبر التقدم قانونا للتاريخ، وهو فرض نظري-حسب موران- بلا دليل ولا مسوغ،وراهن على الاقتصاد الليبرالي في علاج كل المشكلات الإنسانية.
هل يمكن نقد الأنا والآخر دون رؤية عقلانية للتاريخ ومنظور حضاري شامل يستثمر ويتجاوز المعطيات الإناسية ؟
هل راهن الغرب فعلا على الاقتصاد الليبرالي في تحرير الإنسان من مشكلاته وعلل اجتماعه وسياساته التدبيرية؟ 
ألم يتحرر الغرب من طوبى التحرير الإنساني، بعد الحربين الكونيتين ونقد فكر الأنوار، وتفكيك الإرث الماركسي وهيمنة الذرائعية السياسية والنسبانية le relativisme  الثقافية والأخلاقية؟
يقتضي تأسيس سياسة الإنسانية، نقدا عميقا للأنا  والآخر ،وسبرا لدلالة الفوارق الثقافية والتاريخية بين النماذج الثقافية-الحضارية الكبرى ،والاتفاق على مراعاة المتاح المعرفي الكوني ومراجعة الذات في ضوئه ؛والحال أن موران يكتفي برؤية احتفالية شبه رومانسية للثقافات العتيقة والتقليدية.

لا يظهر إدغار موران رغبة كبرى في استشكال المركزيات الطرفية؛ والحال أن انطواء الثقافات التقليدية على خبرات وتجارب ومعارف ( طبية أو علاجية أو خبرات ميدانية)، لا ينفي وضعها في سياقاتها العامة، ورصد موجهاتها ومحدداتها الإناسية ،وتنسيب منظوراتها وآفاقها المعرفية والحضارية.

هل يمكن تفعيل سياسة الإنسانية دون إصلاح الثقافات العتيقة (أمريكا اللاتينية وأفريقيا و آسيا ..) والتقليدية، القائمة على مرتكزات معرفية وميثية وتاريخية قابلة للاستشكال ،منهجيا ونظريا ؟ هل يكفي احترام المعارف والمعارف العملية الطرفية أم لا مناص من تدشين نقد مزدوج ،يتم بموجبه نقد الأنا والآخر بنفس الصرامة المنهجية والدقة العلمية والنزوع نحو مراعاة التعقيد والمعرفة متعددة الأبعاد؟
لا يقدم ادغار موران ،معالجة جادة في هذا السياق ،فهو يكتفي بالإشادة بالحس التضامني والخبرات الطبية والعلائق المركبة بالعالم والكون والطبيعية في الثقافات العتيقة والتقليدية دون أن يفحص أسسها وبنياتها المعرفية ويكشف عن حدودها وسقوفها المعرفية.
وقد سبق لداريوش شايغان ،أن كشف عن معنى الفوارق المعرفية والنظرية والفكرية  ،بين النظم والثقافات الكبرى ،وعن اختلاف الوضعيات الشعورية تبعا لاختلاف الوضعيات المنهجية والمعرفية .
(... لأن ما يفصل عالمنا عن العالم الغربي هو التحول من الإنسان الديني إلى الإنسان الصانع ؛وهو تحول يعني ،بصفته قطيعة ابستمولوجية ،تفارقا نوعيا سواء من جانب الإنسان الغربي الذي يجب عليه أن يعيد استيعاب النظرة السحرية الرمزية للعالم باللجوء مثلا إلى التأويل أو إلى الطريقة الفينومينولوجية، أو من جانب الإنسان غير الغربي الذي يجب عليه التخلي عن طريقته في رؤية العالم باعترافه بقوة السلبي الهدامة وبتفكيكه البنى التي يرزح تحت تأثيرها الحاسم.) -2-

وحيث إن بناء المشتركات الكونية بين  النظم الثقافية الكبرى متعذر، بحكم ارتهان كل نظام ثقافي مركزي بمقتضيات سياقية مخصوصة ،وموجبات السرديات المؤسسة لنظامه المعرفي ،واتساع الهوة الحضارية بين ثقافة تقر بالنقد المعرفي والتاريخي مثل الثقافة الغربية  وثقافات تكتفي بتحيين وترهين وتحديث مرجعياتها دون مراجعتها في ضوء التاريخ وفلسفة الحضارة والمتاح للبشرية جمعاء في زمن العصر الكوكبي مثل الثقافات العتيقة والتقليدية. 
سيقود التهجين الثقافي وإبراز قوة التعدديات الإنسانية-في اعتقاده-إلى بلورة إنسانية كوكبية، جامعة بين أفضل ما تنتجه الثقافات العتيقة والتقليدية والحداثة الغربية. إن التهجين الثقافي قاصر، في اعتبارنا، عن تحقيق نقلة نوعية في تدبير التفاعل الثقافي، وابتداع نماذج ورؤى ونظم معرفية وجمالية وأخلاقية متماسكة، مبنى ومعنى. لا يمكن تحقيق هذه النقلة النوعية، دون الاتفاق الجماعي على معايير وموجهات ورؤى كونية، عن الإنسان وفعاليته وفاعليته في العصر الكوكبي.

6-سياسة الحضارة
(هيمنة الفرد-الذات)
تنطوي كل ذات إنسانية، في اعتباره على" برمجيتين" : البرمجية النرجسية والبرمجية الإيثارية-الغيرية .وبينما تنزع "البرمجية" الأولى إلى تأكيد الذات نرجسيا وإثبات الأنا ،فإن" البرمجية" الثانية تنزع إلى إدراج الأنا ضمن النحن أي ضمن  المجموعة الثقافية أو الإثنية أو الملية .ولئن طورت الحضارة الغربية "البرمجية" الأولى ،فإنها أسهمت في خضم انشغالها بتثبيت الفرد وفرادته ورفاهيته وإضعاف الانتماءات الجماعية والتضامنات المحلية والجهوية ،في إضعاف "البرمجية "الثانية.

7-رهانات سياسة الحضارة

لسياسة الحضارة موجهات ومقتضيات نظرية ومعرفية ومقاصد عملية.
 وتنهض سياسة الحضارة على معايير أربعة :تحقيق التضامنات (ضد التجزيء) والتجذير (ضد الغفلية) وتعميق العلائق والروابط الحميمة( ضد تدهور جودة الحياة) والتخليق(ضد الأنانيات وغياب المسؤولية).
يجب توجيه سياسة الحضارة للحد من الآثار السلبية للتنمية من جهة وتعزيز آثارها الإيجابية من جهة أخرى.
تزداد مساوئ التقدم باطراد، وتكشف المكتسبات، المادية والتقنية والقيمية المتراكمة، عن أعراض حضارية، كاشفة عن اعتلال حضاري كبير. وكما أسهمت الفردانية والتقانة والتنمية، في تحسين العيش، ودعم حرية الفرد، فإنها ولدت مساوئ وعلالا نفسانية واجتماعية، لا تني تقرض البناء الحضاري الغربي. وكما أسهم التطور الرأسمالي والتطور الصناعي في تنمية الإنتاج والمبادلات والمواصلات، فإنهما ضحيا، في اعتقاده، بما لا يخضع ،عمقيا ،لمنطق الربح والمنافسة والمردودية والنجاعة. وقد لازمهما تغلب التسليع المعمم والآليات التقنية-البيروقراطية والتنظيم التقني-البيروقراطي –العلمي  كما في حالة الدم الملوث بفرنسا.
من السمات البارزة للحضارة الغربية  ،هيمنة التجزيء المعمم  وانتفاء الروابط ،اجتماعيا ومعرفيا وسياسيا .وحين تجتمع الأنانية – في ظنه-بالتخصص المفرط والتجزيء المسرف ،تضعف التضامنات أولا ،والمسؤوليات والأخلاقيات  ثانيا.
يؤدي التطور والتقدم-في مفارقة لافتة- إلى تأخر ثقافي يتجلى في غياب رؤية شاملة لإشكاليات الوجود والإنسانية وتأخر عاطفي يتمثل في الافتقار إلى الكفاءات التواصلية والتفاعلية والتبادلية  و عدم القدرة عن فهم الآخر والارتباط به  وتأخر أخلاقي متمثل في تراجع وتدهور التضامنات الجماعية والمسؤوليات. وأيا كانت نجاعة ما يسميه بالمقاومات المتعاونة ،فإنها لم تفلح بعد ،في تحقيق إصلاح عميق أو إحداث تحول في الحضارة وتغليب المقاومة على التعاون.
تروم سياسة الحضارة إرساء التضامنات ،وإعادة أنسنة المدن ،وإعادة تنشيط القرى والبوادي المنسية ،وإصلاح الحياة من خلال التأكيد على جودة ونوعية الحياة ،وتجاوز منطق الكم ،وتطوير المحلي والكوكبي. 
 كما تقتضي سياسة الحضارة الوعي الكلي بالحاجيات الشعرية للكائن الإنساني والإلمام الشامل بالأبعاد الجمالية للإقامة في العالم.
من الضروري ،إذن، تحقيق التكامل والتعاضد والتساوق ، بين العيش على نحو نثري ،والعيش على نحو شاعري .ليس الإنسان مجرد كائن نثري ،مستغرق في نثريات العيش وتحصيل القوى والانفراد بالمجد والسطوة ،بل هو كذلك كائن شعري يتحسس مواطن الجمال في ذاته والغير والطبيعة ويتفنن  من خلال الصداقة والفن والحب والحنان ،في تجميل وجوده وطرائق عيشه.

8-التفكير في الإصلاح

إن طرق الإصلاح متفاعلة، مترابطة، متجادلة ومتقاطعة .إن الإصلاح السياسي منذور للإخفاق ،إن لم يسبق بإصلاح عميق للفكر السياسي .علما أن إصلاح الفكر السياسي مسبوق هو نفسه بإصلاح الفكر ،وأنساق التربية والتكوين .ولا يمكن إصلاح طرق العيش ،دون إصلاح الشروط الاقتصادية والاجتماعية ،وإصلاح قبلي للمواضعات والمقتضيات الأخلاقية .وبناء على ما سبق ،فإن الإصلاح المتوخى شمولي يمس الذهنيات ومنظومات الفكر والبناءات القيمية وموجهات الفعل ومعايير التدبير.

9-راهنية الإصلاح 

لمجابهة المخاطر البيئية الحادة والمستعصية، لا مناص، في اعتباره، من إصلاح الفكر، من أجل تدبر آخر للعلائق المعقدة بين الإنسانية والطبيعة ،وبلورة إصلاحات تشمل الحضارة والمجتمع والحياة. 
لا مناص، والحال هذه، من إعادة النظر في الانفصال المدعوم من قبل العقلانية التقنية الغربية، بين الإنسان والطبيعة، والتفكير النقدي الجدي في المسارات الكارثية -راهنا-للرغبة في التحكم الكلي في الطبيعة والعالم. من اللازم، إذن، إحداث نقلة نوعية في سيرورة الفكر الغربي، والخروج من إبدال التحكم التقني في الطبيعة، إلى إبدال قائم على الاستئناس الحميمي بها. ومن هنا، لا بد من استشكال نماذج التنمية -بما في ذلك التنمية المستدامة -وإعادة النظر في أسسها ومرتكزاتها ومعاييرها. 

10- اصلاح المعرفة

لا مفر في اعتباره، من إصلاح المعرفة والفكر، وتجاوز المعرفة القائمة على الفصل والاختزال والتجريد أي ما سماه ب"إبدال التبسيط". فقد قادت المعرفة المفككة والمختزلة، إلى إنتاج معارف مجزأة، لا تفيد في تدبر الإشكاليات الجوهرية للاجتماع الإنساني في العصر الكوكبي.
وفي هذا السياق، يقترح صياغة سياسة إيكولوجية كوكبية، تشمل النطاقات المحلية والجهوية والدولية والكوكبية.

إن أزمات الإنسانية، هي في نفس الوقت، أزمات معرفية. يولد النسق المعرفي السائد ،ضروبا من الاختلال في الإدراك والتصور والوعي بالرهانات والسمات الخاصة بالظواهر المعالجة .من أعراض هذا الاختلال ،الارتهان الكلي بتحصيل المعلومات والإفادات دون امتلاك القدرة على وضعها في سياقاتها ،وترتيبها وتفسيرها، وتجزيء المعارف والفصل بينهما .علاوة على ما سبق ،تحف بمعارفنا سمات دالة على القصور وهي :الاختزال (استبعاد التعقيد والتركيب الملازمين للمعارف) والثنائية (اعتماد التمييز بين الصحيح والخاطئ في التصنيف والترتيب )والسببية الخطية (وهي لا تراعي تعدد الخطوط التعليلية ) والمانوية (النزوع إلى الاتكاء الحصري على التعارض بين الخير والشر).
لا يمكن إصلاح الفكر، في هذا الإطار، دون الربط   بين المعارف والربط بين الأجزاء والمكونات المنفصلة، والوصل العميق بين الأجزاء والكل. 
يقود نمط التفكير السائد، كوكبيا، إلى عدم مراعاة بعدي الشمولية والتعقيد في معالجة الظواهر وقراءتها وتفسيرها، والاستغراق في عقلنة أحادية البعد .يتمثل التحدي المعرفي الأكبر في اعتباره ، في مجابهة تعقيد الواقع ، وفهم الروابط و الاشتباكات والأبعاد المتعددة والتقاطعات والتناقضات والمفارقات والحدود.
(يجب أن تتيح لنا المعرفة القدرة على مراعاة السياقات والشمولية وتعدد الأبعاد ،أي أن تكون معقدة. وحده فكر قادر على تملك التعقيد الملازم ليس فقط لحيواتنا ومصائرنا والعلائق القائمة بين الفرد/المجتمع /والنوع ،ولكن كذلك للعصر الكوكبي ،يمكنه السعي إلى تقديم تشخيص للمجرى الحالي لمستقبلنا وتحديد الإصلاحات  الضرورية على نحو حيوي  من أجل تغيير نهجنا  وطريقنا.وحده فكر معقد سيسلحنا حتى نعد شروط التحول المثلث:  الاجتماعي والفردي والأنثروبولوجي في ذات الآن ) -3- 
إن للإصلاح طرقا متعددة، ومسالك متعرجة، لا يمكن دون استيفاء شرائط اجتيازها، الخروج من الاستعصاء المعرفي والفكري الراهن ،والتجاوب العميق والحاذق ،مع متطلبات العصر الكوكبي، وتحديات الكوكبة والإنسانية الانتقالية .

لقد اقترح طرقا للإصلاح حددها فيما يلي:

(... تجديد الفكر السياسي، وسياسة الإنسانية، وسياسة الحضارة، وتجديد التضامن، والإصلاح الديمقراطي، والإصلاح الإيكولوجي (بما في ذلك الحفاظ على التنوع البيولوجي الممكن من خلال الحراجة الزراعية والفلاحة البيولوجية) وطرق الإصلاح الاقتصادي، وتفكيك البيروقراطية وإصلاح الفكر والتربية، والإصلاحات الاجتماعية....)-4-
يجدر بنا ،في اعتقاده، امتلاك معرفة متعددة الأبعاد connaissance multidimensionnelle ،قادرة على فحص مستمر لأسسها و أبنيتها النظرية والإبستمولوجية وشروطها الاجتماعية والتاريخية. ومهما ارتقت المعرفة العلمية وازدادت نجاعتها ودقتها ،فإنها قابلة في اعتباره للتحلل بيولوجياbiodégradable . 

11- إصلاح الحياة

إن اصلاح الحياة في المجتمعات الغربية هو بوتقة كل الإصلاحات المقترحة.
لا تسلم العلائق بين الأفراد والطبقات والجماعات والشعوب-في ظنه- من بربرية تكشف عنها الأنانية والحقد والاحتقار والكراهية والجفاء والتعالي . و من أعراض الاعتلال في الاجتماع الغربي ،في اعتبار إفان ايليتش وموران :تدهور الحميمية المصحوب باستشراء الغفلية والميكنة والتخصص المفرط.
وبينما يقر الكثيرون الآن بتدهور الأنساق البيئية ،لا تلتفت إلا قلة لتدهور الحيوات ،واستشراء الشقاء بما هو داء حضاري أكيد .لا تحجب  الرفاهية الشقاء المستشري في مفاصل  الحضارة الحديثة  ،إلا في ذهن غير مدرب على استقصاء وفحص العلل الحضارية .

لإصلاح الحياة، لا بد من التحرر من معايير النجاح والأداء والتنافسية، وتطوير الأنشطة اللعبية والفنية والقيم السامية ولا سيما : الحب والحنان ،في اعتقاده ،وتكريس إبطاء معمم.
يحثنا إصلاح الحياة –في اعتباره-على الانخراط في دينامية المجموعات دون أن نفقد استقلالنا. 
يفرض إصلاح الحياة الانفتاح على الآخر، والدماثة والطيبة والعطف والتواد والتعاطف وتفهم السوى ونفسانيته ومتطلباته ومشكلاته وإقرار علاقة جمالية بالأشياء والعالم.
ويرتبط إصلاح الحياة، في اعتقاده بالإصلاح الثقافي القاضي بمراعاة التعقيد وتلافي الاختزال القائم على تفسير الواقع بعنصر واحد من عناصره الكثيرة والمتكاثرة.
ولا يمكن إصلاح الحياة دون إصلاح أخلاقي و إيتيقي. يروم الاصلاح الأخلاقي كما يعتقد موران، تغليب البرمجية الإيثارية على البرمجية النرجسية، وإيقاظ الحس الإيثاري والغيري النائم في مجتمعات الفرجة والاستهلاك والعابرية.

12-التفكير في الحدود وشروط الإمكان 

ورغم تأكيده على حتمية إصلاح الحياة والأخلاق والفكر والتربية والحضارة والسياسية، فإنه يشير إلى ضرورة مراعاة الحدود وشروط الإمكان المتاحة للإنسان.
(ليس الإنسان عاقلا وصانعا واقتصاديا فقط بل هو كذلك مخبول وأسطوري ولاعب.لا يمكن أن نقضي إطلاقا على النزوع الهذياني لدى الإنسان المخبول ،كما لا يمكننا إطلاقا عقلنة الوجود ..)-5-
إن كل تفكير جاد في المعرفة والكينونة، هو تفكير جاد ومعمق في المتاح والممكن، أي تفكير في الحدود والسقوف النظرية غير القابلة للتجاوز.
(توجد كل حقيقة ضمن شروط وحدود معينة من الوجود. قد تكون صحيحة تمامًا ضمن هذه الشروط والحدود ، ولكنها تموت خارج هذه الشروط والحدود. الحقائق غير القابلة للتحلل البيولوجي هي وهمية وكاذبة …)-6-

13-تركيب 

لتحويل المجرى الحضاري وإقرار طريق إنساني جديد، لا مناص، من إحداث تغيير جوهري في الرؤية والمنظور والتوجه، نظريا، وتخطي عالم من سماته الخاصة: هيمنة الفائدة والربح، ارتهان السياسة بالاقتصاد و الخبرة التقنية، وارتكاز المعرفة على الحساب وما ينتج عن ذلك من إنكار عميق للأبعاد المتعددة للوجود الإنساني، وسيطرة عقلنة مغلقة معممة على حساب معقولية مفتوحة.

الهوامش:

-1 Edgar Morin, La Voie –Pour l’avenir de l’humanité, Fayard 2012, page33.
2-داريوش شايغان،ما الثورة الدينية؟-الحضارات التقليدية في مواجهة الحداثة ،ترجمة وتقديم :محمد الرحموني ،دار الساقي والمؤسسة العربية للتحديث الفكري ،الطبعة الأولى 2004،ص.171.
-3 Edgar Morin, La Voie –Pour l’avenir de l’humanité, page244.
-4 Edgar Morin، La Voie –Pour l’avenir de l’humanité، page205.
-5Edgard Morin, La Voie –Pour l’avenir de l’humanité, page.497.
-6Edgar Morin , la complexité humaine, textes rassemblés et présentés par : Heinz Weinmann, Flammarion , 1994 ,page.255.)


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات