إيلاف من الرباط: حرصاً منه على دعم الدينامية الثقافية والإبداعية المتميزة، التي أصبحت تعرفها الأقاليم الجنوبية للمملكة ( الصحراء)، وعلى لفت انتباه كافة الساهرين على تدبير الشأن العام، مركزياً ومحلياً، وكل من يهمه الأمر، إلى أهمية الثقافة والإبداع ودورهما المركزي في أية تنمية مجتمعية، ارتأى اتحاد كتاب المغرب أن يطلق "نداء العيون الثاني حول الارتقاء بالإبداع في الصحراء"، ثلاث سنوات، بعد "نداء العيون الأول حول الثقافة والتنمية"، الذي أطلقه، بمناسبة تأسيس فرع الاتحاد بمدينة العيون.
دعم حركية الإبداع في الصحراء
جاء في النداء، الذي أشار إلى مناسبة احتضان مدينة العيون لأشغال ندوة "العادات الاجتماعية في الصحراء: الثوابت والمتغيرات"، كما ذكر بـ"نداء العيون الأول حول الثقافة والتنمية"، والنجاح اللافت الذي عرفته ندوة "الكتابة السردية الحديثة في الصحراء"، التي نظمها فرع الاتحاد بالعيون، قبل سنة، أن اتحاد كتاب المغرب يراهن، مرة أخرى، من خلال ندائه الثاني، على "التنبيه للحراك الإبداعي الذي تشهده أقاليمنا الجنوبية، في تطوره وديناميته وتناميه وثرائه، وذلك بغاية دعم حركية الإبداع في الصحراء، والارتقاء به، وتحفيز أجياله، من المبدعين الشباب، على وجه الخصوص، عبر تشجيعهم على الإبداع والكتابة والنشر والعطاء، وعلى أن يساهموا، بشكل منتج ومؤثر، في هذه الدينامية الإبداعية المضيئة، بما يساهم، أيضاً، في تطوير التجارب الإبداعية في الصحراء، في تعدد أجيالها ومكوناتها وأجناسها التعبيرية، وفي إشعاعها الوطني والخارجي".
تحقيق التنمية الثقافية
جاء في النداء أن الاتحاد يتوجَّه، من موقعه ومكانته الاعتبارية ضمن النسيج الثقافي الوطني، في سعيه الدائم إلى الدفاع عن دعم حركة الإبداع والتأليف والنشر، وتعزيز كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق التنمية الثقافية في بعدها الإنساني والرمزي، إلى الساهرين على تدبير الشأن العام، مركزياً ومحلياً، بندائه الثاني بــ"غاية العمل على إدراج الثقافة في كافة المخططات والبرامج التنموية الآنية والمستقبلية، والارتقاء بحركة الإبداع، ودعم المبدعين الشباب على وجه الخصوص، في أقاليمنا الجنوبية".
كما شدد النداء على أن "اهتمامات الاتحاد بالمكون الثقافي الحسَّاني، في شقه المادي واللامادي، يرتكز على اعتبار الثقافة الحسانية رافعة للتنمية المجتمعية، وتعبيراً عن الخصوصية المحلية والجهوية". لذلك، دعا النداء إلى "تفعيل الحسانية، ثقافة وإبداعاً ولهجة وتقاليد يومية، عبر السعي إلى إدماجها في الأوراش وفي المشاريع الثقافية والإبداعية المحلية والجهوية، وأيضاً داخل البرامج والسياسات العمومية واستراتيجيات التنمية المستدامة"، مضيفاً أن ذلك يشكل أفقاً "يحتاج إلى اجتهاد واهتمام دائم ومستمر، لا يُمكن أن يترسَّخ إلا في إطار من التحفيز والدعم والرعاية".
علامات مضيئة في المشهد الإبداعي المغربي
شدد الاتحاد، في ندائه، على تفاؤله براهن ومستقبل الإبداع في الصحراء، واقتناعه بكون "المناطق الجنوبية تزخر بمبدعات ومبدعين شباب، أضحوا يشكلون اليوم علامات مضيئة في مشهدنا الإبداعي الوطني، كما تشهد على ذلك إنتاجاتهم الأدبية والفنية والجمالية، بشكل يعزز الحراك الثقافي والإبداعي بوطننا، ويساهم في توسيع الأفق الثقافي والإبداعي والجغرافي لمنظمتنا، عبر السعي إلى تأسيس فروع جديدة بأقاليمنا الجنوبية، لتنضاف إلى فرعي العيون وكَليميم".
وأبرز النداء أن "الصحراء شكلت دائماً مرتعاً فذاً للخيال، وفضاء لمسارات من الإبداع لا تنتهي، وفي هذا الأفق، يكتب اليوم مبدعون من الصحراء، من الجنسين، في حضورهم المؤثر، والذي يشعرنا نحن بالفرح والاعتزاز، على اعتبار أن تطور الحركة الإبداعية في الصحراء، يشكل، بالنسبة لاتحادنا، رهاناً متجدداً وأفقاً مفتوحاً، ما يجعل نداءنا اليوم، امتداداً وتطويراً لرهاننا الثقافي والإبداعي الجماعي في منظمتنا، وخصوصاً في جانبه المتعلق بالاهتمام بالتجارب الإبداعية الجديدة ببلادنا بشكل عام، وبأقاليمنا الجنوبية بشكل خاص".
ذكاء إبداعي لافت
أشار النداء إلى أن "من شأن المتأمل في هذه التجارب الإبداعية الجديدة كما تتبلور وتتطور اليوم في الصحراء، أن يدرك، منذ الوهلة الأولى، مدى انخراطها، في أسئلة مجتمعنا وراهنه، بما تقدمه من مادة خصبة، تساعدنا على أن نتأمل راهن مجتمعنا وتحوله، في فضاءاته المختلفة، المدينية والصحراوية والقبلية، وفي أزمنته الماضية والراهنة، وفي ملاذاته الروحية والإنسانية، وبما تضمره من أسئلة وقراءات وتحاليل عن الحياة والإنسان والتاريخ والمجتمع والقيم والحب والكينونة والوجود والهوية والمدينة والمرأة والصحراء والعنصرية والحرية والحلم والمنفى والغربة والسجن والبطالة والحيرة والأمية ومعيقات التنمية، وغيرها من القضايا والأسئلة والآفاق الدلالية، التي تمثلتها هذه التجارب بذكاء إبداعي لافت".
ومن هنا، يختم النداء، "يبدو أنه من واجبنا جميعاً، حكومة ومؤسسات وسلطات ومجالس منتخبة ومجتمع مدني، أن ننصت جيداً لهذه التجارب، وأن نحتضنها وندعمها ونحتفي بأصحابها، بما يليق بمنجزهم الإبداعي الباذخ، الذي يستحق من وطننا كل اهتمام ودعم ومتابعة وترحيب".