: آخر تحديث

العصر الأخير

9
6
10

الكوكب أخذ يهتز، وعقارب الساعة الكونية تهرول، والمشهد على الأرض ضبابي، والعالم من حولنا يعج بالمتناقضات، نصف البشر تلوثت عقولهم، والنصف الآخر بين الحديد والنار.

حروب هنا، وأدوات الموت تُصنع هناك، هوليوود حقيقي، وليس ضرباً من الخيال، روايات واقعية أبطالها يمرون من هنا. سيناريوهات كُتبت في عواصم القرار والاستعمار، وخصّصت لخراب الديار، والعبث بالأمن والاستقرار، أزمة تلو الأزمة والكل شاهد عيان، نزعة انتقام عبثية من تاريخ الأمم، تحاول طمس الهوية والقفز فوق جغرافية المكان والزمان، أدوار تصيبك بالتبلد، وتقودك إلى الخبال، تسرد وصفاً وتعليقاً للأحداث الآنية، وبنقل مباشر تحاكي حياة البشرية، من الدائرة الصغيرة حولك، وتتسع لتصل إلى محيط العمل والأسرة، مخترقة التفاصيل المهنية والأخلاقية، خروجاً إلى نطاق مجتمعي محلي وإقليمي ودولي وعالمي، لتنتشر عبر الفضاء المفتوح المفضوح، وتصيب دوائر الاقتصاد والسياسة بفيروس المصالح المشتركة.

عنصرية مقيتة، وفتن طائفية مفخخة، وتصنيفات وانتقائية، صدام حضارات، وهجين من الثقافات، تتسلل عبرها حشود من المرتزقة، والميليشيات الهمجية، وطابور خامس، وحراك ممنهج تديره قوة خفية. والحصيلة مجازر دامية، والآلاف من المهجرين والمشردين، يقابلها عبارات استهجان على استحياء لا تغني ولا تسمن من جوع.

فإن كنت لا تزال متماسكاً، وحافظت على رصيد ولو ضئيلاً من عصر الأجيال المحترمة، ستُصاب بصدمة هستيرية، وتعتريك دهشة صامتة، وذهول مراقب، من واقع مؤلم ومفزع ومخزٍ ومفجع. فقير ومعدم، فقد جميع الصفات الإنسانية، ومشى فوق كل القيم والمبادئ، تتبرأ منه كل المواثيق والأعراف والديانات والكتب السماوية، سحق كل المكونات الآدمية، وحشد كل نظم القتل، وأدواته الخبيثة.

عنوانه: القوي يكسب، ومن يملك عصا السلطة والتسلط يحقق رغباته، ويُشبع نزواته، ويُغذي مصالحه، برفقة رعاته، تحت شعار مستعار من النزاهة والمصداقية، ويدرك الجميع أنه ميثاق شرف مزيف، ومقومات نجاح فقيرة، ولكن يُعصبون العيون، والعاقل منهم يصبح مجنوناً. ترقّبوا، إنه الفصل الأخير من عصور الكائنات الحية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف