: آخر تحديث

السوداء الجميلة

4
4
3

تتباين وجهات النظر والاعتقادات بين النساء ذوات البشرة السوداء بناءً على مجموعة من العوامل مثل الخلفية الثقافية، والتجارب الشخصية، والمجتمع الذي ينتمين إليه. وهناك بعض الجوانب التي قد تؤثر على اعتقاد هؤلاء النساء ووجهات نظرهن، كهويّة الجمال، حيث تُعتبر قضايا الجمال من المحاور الرئيسة في تجارب النساء ذوات البشرة السوداء. وقد تشعر بعض النساء بأن معايير الجمال العالمية تُفضّل البشرة الفاتحة والمميزات الأوروبية، مما يؤدي إلى صراعات تتعلق بالقبول الذاتي.

في السنوات الأخيرة، بدأت حركات مثل "حركة الفخر بالشعر الطبيعي" و"السوداء جميلة" في تعزيز قيم الجمال المرتبطة بالشعر والبشرة السوداء.

أما من ناحية الثقة بالنفس وقوة الشخصية، فتجربة التمييز العنصري والمواقف السلبية قد تؤثر على ثقة النساء ذوات البشرة السوداء بأنفسهن. ومع ذلك، فإن العديد من النساء يجدن القوة في تجاربهن ويتحدين الصور النمطية. كما أن المجتمعات الداعمة يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الثقة والإيمان بالنفس.

كما تعزز النساء ذوات البشرة السوداء ارتباطهن بجذورهن الثقافية والتاريخية، وتُعتبر الثقافات الأفريقية جزءًا مهمًا من هويتهن. ويُعد الفخر بالثقافة والتراث وسيلة لتعزيز الاعتقاد الذاتي والقوة. وهناك اهتمام متزايد من قبل النساء ذوات البشرة السوداء بالمشاركة في مجالات التعليم والسياسة والأعمال.
هذه المشاركة تُشكّل مصدر إلهام وتحدٍ للهيمنة التقليدية، مما يعزز من رغبتهن في التغيير والتأثير في المجتمع.

وتعاني بعض النساء ذوات البشرة السوداء من مستويات مرتفعة من القلق والضغط نتيجة التمييز العنصري والصور النمطية. ومع ذلك، فإن العديد منهن يسعين إلى العلاج والدعم النفسي لتجاوز هذه التحديات.
وقد يشكّل الدعم من الأقران والمجتمعات المحلية عنصرًا مهمًا في تعزيز القوة والشعور بالانتماء. تجمعات النساء، سواء في الاجتماعات الاجتماعية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تعزز من الحوارات حول التجارب المشتركة وتعمل على بناء شبكة دعم قوية.

في العديد من القطاعات، تُواجه النساء ذوات البشرة السوداء الصور النمطية المرتبطة بسلوكياتهن ومظهرهن. ومع ذلك، فإن العديد منهن يُعدن تشكيل هذه الصور من خلال تحدي هذه السرديات ودفع الحدود للاحتفاء بتنوعهن.

وتنادي العالمة الاجتماعية الأمريكية من أصول أفريقية باتريشيا هيل كولينز، التي تعمل في جامعة ماريلاند، بأن أشكال الظلم المتواصلة التي تعاني منها النساء ذوات البشرة السوداء في الولايات المتحدة الأمريكية تضعهن في منزلة مهمّشة بالمجتمع عند المقارنة مع النساء ذوات البشرة البيضاء أو حتى الرجال ذوي البشرة السوداء.
وتقول: «تركب العديد من النساء ذوات البشرة السوداء الأتوبيسات توجهًا لعائلاتهن ذوي البشرة البيضاء، حيث لا يقمن بعمل الطعام والتنظيف والواجبات المنزلية فقط، بل الاعتناء بأطفال الآخرين وتقديم الإرشاد الذكي لأصحاب العمل، وفي بعض الأوقات يُصبحن أشخاصًا مستأجرين لعائلاتهم ذوي البشرة البيضاء أيضًا».
كما تشير أيضًا إلى الموقع الاجتماعي لتلك "الخارجات عن المجتمع الطبيعي"، فحالة المجتمع توفر السيادة لذوي البشرة البيضاء دون أن تنتمي هذه السيادة حتى لامرأة سوداء واحدة.

وتتفق مع النساء ذوات البشرة السوداء في اعتقادهن بأنه «يجب علينا أن نرى بوضوح وجود مجموعة فريدة في المجتمع يتم إنكارها وتهميشها بسبب العرق والجنس، ومواجهتها مجموعة كبيرة من التحديات بسبب ذلك».
وهذا الوضع الاجتماعي المختلف يعني أن النساء ذوات البشرة السوداء لهن طريقة معرفة مختلفة عن نظرية "وجهة النظر" لهاردينغ وود عن المعرفة.

ولنستذكر بأن هناك العديد من الأمثلة الناجحة التي تعكس كيفية تطبيق الاستراتيجيات لدعم النساء ذوات البشرة السوداء في مختلف المجتمعات.

فالمشاريع الثقافية تُعد وسيلة للتوعية، حيث تُنظم مبادرة "شهر التاريخ الأسود" في الولايات المتحدة لتعزيز الوعي بتاريخ وثقافة الأمريكيين من أصل أفريقي، وتتضمن الفعاليات معارض فنية، محاضرات، وورش عمل، مما يسهم في تجديد الفخر الثقافي.

أما شبكات الدعم والمجتمعات الداعمة، فمثلًا: منظمة "Black Girls CODE" تهدف إلى تعليم الفتيات ذوات البشرة السوداء البرمجة وتقنية المعلومات، وتشجّع الفتيات الشابات على دخول مجالات STEM (العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات). وتسهم هذه المبادرة في تعزيز الثقة والقدرات الذاتية للفتيات.

في مجال التأثير في السياسات والمشاركة القيادية، تهدف مجموعة "She Should Run" إلى تعزيز مشاركة النساء في السياسة، بما في ذلك النساء ذوات البشرة السوداء. وتوفّر المجموعة الموارد والدعم للنساء الراغبات في الترشح لمناصب سياسية.

كما تهدف منظمة "Therapy for Black Girls" إلى تقديم خدمات الصحة النفسية للنساء ذوات البشرة السوداء وتوفير مجتمع دعم، وتركّز على إنشاء منصة تربط بين المستشارات والمحترفات في هذا المجال مع النساء اللواتي يحتجن إلى الدعم.

أما الفعاليات الثقافية والفنية، فيُعقد مهرجان "Essence Festival" في نيو أورلينز، ويجمع بين الثقافة السوداء والموسيقى والفن. ويتيح المهرجان للنساء أن يعبّرن عن أنفسهن ويشتركن في تجربة غنية تعزّز من اعتزازهن بهويتهن.

أما البرامج المستمرة في الجامعات، فهناك العديد من الجامعات الأمريكية مثل جامعة "Howard" التي تحتفظ ببرامج لتعزيز تعليم النساء ذوات البشرة السوداء ودعمهن في التخصصات المختلفة، مما يعزّز فرصهن في سوق العمل بعد التخرج.

أما مبادرة "Sista Talk"، فتُركز على صحة النساء ذوات البشرة السوداء، حيث تقدّم ورش عمل ومعلومات صحية حول المواضيع التي تهمهن بشكل خاص مثل الصحة العقلية والإنجاب.

تُظهر هذه الأمثلة الناجحة كيف يمكن أن تسهم الاستراتيجيات المختلفة في تمكين النساء ذوات البشرة السوداء وتحقيق تأثير إيجابي في مجتمعاتهن.
التنوّع في البرامج والمبادرات يعكس الاحتياجات الفريدة لهذه النساء ويعزّز من التحدي الموجَّه تجاه الصور النمطية والتمييز.
ومن خلال الالتزام الجماعي والمشاركة الفاعلة، يمكن تحقيق تغيير حقيقي ومستدام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.