: آخر تحديث

ترامب زلزل العالم!

18
15
12

قد يكون الانتظار مهماً قبل أي تعليق يخص الرئيس الأميركي بعد مغامرته الغريبة والعجيبة التي يعيشها اليوم مع كل دول العالم دون استثناء؛ الرجل قرر أن تصبح أميركا دولة غنية، ويعتقد أنه لو فعل ذلك دون النظر إلى الأسلوب أو الطريقة سيكون ناجحاً في مسيرته الرئاسية، ولا أظن أن ترامب فعل ما فعله دون أن تكون هناك مشاورات خاصة في محيطه الضيق.

هذا العمل الاقتصادي الكبير الذي هز أركان العالم من شرقها إلى غربها لم يأتِ بمحض الصدفة، أو من خلال جلسة أصدقاء، قد يكون تفكيراً مختلفاً في لحظة مختلفة لأهداف وطنية عامة تخدم أميركا كدولة عظمى تستطيع فعل ما تريد دون النظر إلى أي تفاصيل تعطل مسيرتها في أي اتجاه تختاره، الأضرار الناتجة عن فرض الرسوم كانت واضحة من ردة فعل كثير من الدول، خاصة في أوروبا وبعض دول آسيا، وشاهدناها أيضاً على سوق التداولات والنزيف الذي عاشته الأسواق العالمية بسبب قرارات ترامب الجديدة.

إقرأ أيضاً: مما يخاف ترامب!؟

منذ لحظة فوز ترامب بالرئاسة، كثيرون توقعوا أنها ستكون فترة مختلفة على مستوى القرارات، ولن يصاحب هذه القرارات هدوء في فترته، بل سيصبح العالم كله في حالة توتر وشد وجذب بطريقة جديدة، هناك من يعتقد أن ترامب سيتراجع في بعض القرارات، هذا الاعتقاد مبني على ردة فعل دول العالم، وبالفعل هناك أنباء قد تصبح حقيقة في الفترة القريبة عن تراجع ترامب عن بعض الدول في موضوع الضرائب أو الرسوم، لكن يبقى الأمر في إطار المعلومات غير المؤكدة التي لن تصبح حقيقة حتى نشاهد الرئيس الأميركي في مؤتمر، أو في تصريح إعلامي يعلن ذلك بنفسه.

الهوس الذي يعيشه ترامب في حب أميركا حق مشروع له، ولن تجد من يجادله في هذا الحق، وطالما هو الرئيس، فمن الطبيعي أن يبحث عن مصلحة أميركا، لكن تبقى مرآة الحب عمياء - إن جاز التعبير -، فليس كل شيء يكون ناجحاً فقط لأنَّ دافعه الحب، خاصة إذا كانت بعض القرارات مرتبطة بمصالح دول أخرى تتشارك مع أميركا في كثير من التفاصيل، لن يستفيد شيء ترامب حين يجعل العالم على صفيح ساخن، ولن تصبح أميركا سعيدة بذلك، وتتحقق لها الثروات، هذا النهج الذي اتبعه ترامب قد يكون فيه حلول قصيرة المدى تدعم الاقتصاد الأميركي، لكن في المستقبل قد تخسر أميركا استثمارات كبيرة تخص بعض الدول التي تتميز باقتصادات متينة، قد يُلام فيما يحدث الآن من توتر على الصعيد العالمي مستشارو ترامب الاقتصاديون، وصاحب هذه الفكرة ربما فاته أن إدارة الدولة تختلف عن إدارة الشركات، وأعني هنا إيلون ماسك، الذي لا أستبعد أنه خلف أي قرار مرتبط بالاستثمارات والاقتصاد الأميركي.

إقرأ أيضاً: التلفاز في شهر رمضان

عاشت أميركا سنوات طويلة، وهي تعاني بعض المشاكل الاقتصادية، ولا أظن هذه المشاكل تنتهي في وقت قريب، غير أن بعض التوقعات من بعض الخبراء الاقتصاديين يعتقدون أن ترامب قد ينجح متى ما حافظ على خططه الموضوعة في هذا الاتجاه إن كان يعتبر هذا هدفاً مهماً يخدم أميركا، وليس له تفرعات أخرى الهدف منها إشغال العالم عن أهداف أخرى موضوعة أكثر خطورة مما يحدث، في زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من حقنا أن نتوقع أي شيء، ونحسب حساباً لكل شيء، المهم أن يدرك العالم المتضرر حجم المخاطر في القادم من الأيام متى ما كانت التوقعات صحيحة، وأن تكون لديهم خطط سلمية تساعدهم وتساعد دول العالم على فرض التوازن السياسي والاقتصادي، لا أظن أميركا ستكون سعيدة حين يعيش العالم في أزمات متنوعة؛ لأنها ستكون أول الدول المتضررة على الصعيد الاقتصادي على وجه الخصوص، وهي في هذه الفترة ليست جاهزة لخسائر جديدة تعيق العمل في أميركا وتؤثر فيه، لذا نحن أمام فترة صعبة، تفاصيلها تحتاج وضوحاً أكثر، ومع الأيام يمكن أن يتضح كل شيء، غير أنني لا أتمنى أن يكون هذا الوضوح بعد فوات الأوان.

وقفة:

العقل قوام العلم والمعارف فقط، وإنما المشاعر والمعتقدات هي التي تقود الناس وتكون التاريخ.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.