: آخر تحديث
أحدث خطواته العملاقة في رحلة شاقة

مونديال 2022: الكندي ديفيس من مخيم للاجئين في أفريقيا الى المجد العالمي

57
57
58

اوتاوا: عندما تطأ قدما ألفونسو ديفيس أرض ملعب أحمد بن علي في الريان الأربعاء لمواجهة بلجيكا المدجّجة بالنجوم، ستكون أحدث خطواته العملاقة في رحلة شاقة نقلته من مخيم للاجئين في أفريقيا الى نهائيات كأس العالم مع كندا التي احتضنته وعائلته.

حقق اللاعب الذي يلعب كجناح وأحيانًا كمهاجم مع المنتخب وكظهير أيسر مع بايرن ميونيخ الالماني، الكثير في مسيرته، لدرجة أنه من السهل نسيان أنه يبلغ فقط 22 عامًا.

في سن لا يزال العديد من المحترفين يشقون طريقهم إلى المستويات العليا في الرياضة، بات ديفيس من المخضرمين. أربعة ألقاب في الدوري الالماني، لقب في كل من دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية، ليست سوى بعض الإنجازات التي حققها في مسيرته الاحترافية التي بدأت عندما كان في سن الخامسة عشرة في الدوري الأميركي لكرة القدم.

ولكن قبل كل ذلك، كان عليه مواجهة أصعب الظروف.

السير فوق الجثث

وُلد عام 2000 في مخيّم للاجئين في غانا، من والدين هربا من الحرب الأهلية في ليبيريا. تتذكر والدته فيكتوريا أن كان عليها أحيانًا "السير فوق الجثث للذهاب لإحضار الطعام".

كان ألفونسو في الخامسة من العمر عندما حصلت عائلته على حق الهجرة الى كندا، حيث نشأ بداية في ويندسور في أونتاريو، قبل أن ينتقل الى إدمونتون في مقاطعة ألبرتا غرب البلاد.

تكون الحياة قاسية بداية على الوافدين الجدد، إذ يستذكر نيك هوسيه مدربه الاول والذي بات لاحقًا وكيل أعماله "بعد التدريبات، كان يعود فورًا الى المنزل لتغيير حفاضات شقيقه وشقيقته، حين كان في العاشرة من عمره، لأن والديه كانا يعملان مطولا ولا يستطيعان تحمل تكاليف مربية".

أما ديفيس فيخبر "تدخلُ بشكل أسرع في عالم الكبار عندما يتحتم عليك إطعام الاطفال في وقت يمارس أصدقاؤك ألعاب الفيديو. كان والدي يستيقظ عند الرابعة صباحًا، فيما كانت والدتي تعمل بين العاشرة مساء والثامنة صباحًا. كان الامر قاسيًا (...) ولكننا كنا سعداء".

في بلد يُعتبر فيه الهوكي على الجليد الرياضة الاولى، بدأ ديفيس في إظهار إمكانات هائلة في كرة القدم خلال مباريات تقام بعد الدوام عندما كان في المدرسة الابتدائية، وسرعان ما تم رصد موهبته.

يستذكر تيم آدامس، مؤسّس دوري ما بعد المدرسة "فْري فوتي" حيث برز ديفيس لأول مرة "كان الطفل بمثابة هدية لكرة القدم".

التحق بأكاديمية كرة قدم في إدمونتون، وعندما كان في سن الـ14، اكتشفه نادي "وايتكابس" الواقع في مدينة فانكوفر والذي ينافس في الدوري الاميركي (أم أل أس) وانضم الى فريق الشباب.

بعد ذلك، بدأت الارقام القياسية تتحطم.

الأصغر

برق نجمه سريعًا في فانكوفر بعد أن بات في سن الـ15 وثمانية أشهر أصغر محترف كندي يلعب في الدوري الأميركي، ولاحقًا أصغر لاعب في تاريخ المنتخب الأوّل عن 16 عامًا وسبعة أشهر، بعد أيام من نيله الجنسية.

إلا ان والدته كانت قلقة للدرب الذي يسير عليه ولم ترغب بداية في رحيله قبل أن ترضخ للواقع. لكنها طلبت منه أن يفي دائمًا بوعده لها "لقد وعدتها أن أكون فتى صالحًا. أن أبقي قدماي على الارض وألا أنسى أبدًا من أين أتيت".

في تموز/يوليو 2017، كان ديفيس أفضل هداف (بالشراكة) في كأس كونكاكاف الذهبية برصيد ثلاثة أهداف، حيث خسرت كندا في ربع النهائي أمام جامايكا.

ميسي قدوته

يقارن كرايغ دالريمبل، مدربه السابق في فانكوفر، ديفيس بالنجم الفرنسي كيليان مبابي "لقوته وسرعته"، علمًا أن الكندي يؤكد أن الارجنتيني ليونيل ميسي هو مثله الأعلى.

لفت انتباه مدير الرياضة في بايرن ميونيخ البوسني حسن صالح حميدجيتش الذي يجول العالم بحثًا عن المواهب النادرة، وانضم الى العملاق البافاري عام 2018 مقابل 22 مليون دولار في صفقة قياسية حينها في الدوري الاميركي.

بعد مشاركات قليلة في موسم 2018 2019، أطلق مسيرته الصاروخية أوروبيًا في التالي، لا سيما بفضل أدائه المذهل خلال الفوز 3 0 على تشلسي الانكليزي في لندن في ذهاب الدور ثمن النهائي من دوري أبطال أوروبا.

انتهى الموسم الذي توقف بسبب جائحة فيروس كورونا واستكملت فيه المسابقة القارية بنظام التجمع، بتتويج بايرن بطلا لأوروبا بفوزه 1 صفر على باريس سان جرمان الفرنسي في النهائي، ليصبح ديفيس أول كندي يرفع أغلى الكؤوس الاوروبية على صعيد الاندية.

خلال الجائحة، شارك في حملة لجمع التبرعات مع مفوضية الامم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (يو أن ايتش سي أر)، حيث اعتبر أن الاخيرة "لطالما دعمتني، والآن حان الوقت لرد الجميل".

على الرغم من كونه جزءًا لا يتجزأ من تشكيلة كندا التي تأهلت لكأس العالم لأول مرة منذ 36 عامًا، غاب ديفيس لعدة أشهر هذا العام بعد إصابته بالتهاب في عضلة القلب إثر إصابة بكوفيد 19.

وبعد أن عانى لاستعادة لياقته، خرج وهو يعرج بسبب إصابة في الفخذ خلال فوز بايرن 3 2 على هرتا برلين في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، لكن سرعان ما قال النادي إن مشاركته في كأس العالم ليست في خطر.

لا يُخفِ ديفيس فرحته بخوض النهائيات العالمية ولكنه يعترف بأنه يشعر بالتوتر. قال في مقابلة أخيرًا "سأكون متوترًا قليلا. لكن بالنسبة لي، أقول إننا وصلنا إلى هذه المرحلة لسبب ما، ويجب على كل واحد منا أن يكون واثقًا من نفسه ويدخل أرض الملعب ويظهر ما لديه".

لكن مدرّب كندا جون هيردمان يمازح أن ديفيس يفكر سراً ربما في الفوز بكأس العالم "إنه يجسد ماهيّة هذا المنتخب وماهيّة هذا البلد الثقة، التباهي وأن كل شيء ممكن".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في رياضة