: آخر تحديث

متى يعود "فردان"؟!

51
41
37
مواضيع ذات صلة

لأنني عشت في لبنان، هذا البلد الجميل وشعبه المبدع حقاًّ وفعلاً، سنوات طويلة ولأنني قد درست في الجامعة اللبنانية وتخرجت منها على أيدي أساتذة كبار من بينهم عبدالكريم أبو النصر وتعلمت الصحافة في صحيفة "السفير" التي كانت تضم مبدعين كباراً من بينهم بالطبع أستاذنا الكبير طلال سلمان والزميل بلال الحسن وياسر نعمة ومحمود درويش وباقة من كبار الصحافيين والكتاب العرب الذين كانوا رموز الصحافة العربية.  

ولذلك فإنني أشعر بالحزن وبالوجع الذي يمزق الأحشاء عندما أرى أن لبنان هذا، الذي كان منطلق الصحافة العربية، السياسية والحزبية والأدبية وكل شيء، قد أصبح خاليا من الصحافة وقد بات "جهابذة" الكلمة الشجاعة، الذين خسر بعضهم أرواحهم بسبب مواقفهم.. وبسبب أقلامهم الحرة.. وبسبب أن أنظمة القمع المقفلة الأبواب والأوراق الإعلامية الفعلية والحقيقية، باتوا يقرعون أبواب صحف المنافي القريبة والبعيدة.. ولا يجدون من يرحب بهم.. ولو بكلمة واحدة!!. 

ولذلك فإنّ من هم مثلي أو في حقيقة الأمر أنا مثلهم قد عاشوا تلك المرحلة، مرحلة الأحبار والأوراق .. والأصوات الجميلة، عندما ينظرون إلى بيروت وإلى أماكن مصانع صحفها وباقي مقاعد كبار كتابها يشعرون بوجع قلوبهم.. ويشعرون أنّ بيروت التي يعرفونها قد أصبحت بيروتاً ثانية.. وإن شوارعها الجميلة التي كانت تطفح بما يصلها كل صباح من مصانع الأوراق ومن ما يقال.. وربما لا يقال.. وكأن الوطن العربي يطل على شارع "فردان" كل صباح.. وكأن العرب كلهم يمرون يومياًّ في هذا الشارع الجميل الذي لم يعودوا يعرفونه والذي لم يعد يعرفهم!!. 

كان الشاعر الكبير سعيد عقل، الذي لم يكن يشرب قهوة الصباح ولا يقرأ "صحيفة النهار" وباقي الصحف اللبنانية إلّا في مقهىً معروفاً في شارع "فردان" والذي كان يتغنى ببلده بالترديد الدائم لكلامه الجميل: "هالكم أرزه ..العاجئين الكون.. وقبل ما كانوا هوْن ما كانش كون"..!! 

آخ يا لبنان.. متى تعود صحيفة "النهار" لتطل على اللبنانيين.. والعرب الوافدين كل صباح جميل من شارع "فردان"؟ ومتى يعود صوت سعيد عقل.. ومتى يسمع "الفردانيون" بعد عودتهم إلى فردانهم: هالكم أرزه العاجئين الكون؟..متى يعود "فردان" ومتى يعود أرز لبنان..؟..إنّ هذا الوطن الجميل سيعود.. وإنّ الأرز اللبناني عائد لا محالة وإن اللبنانيين المبدعين سيعودون إلى وطن هو "زينة الأوطان". 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي