فاتح عبدالسلام
كلّ المؤشرات التي صدرت من واشنطن ، وكذلك من طهران تدل على انّه لا توجد حرب في الأفق، بالرغم من كل العرض العسكري المتعاظم في المنطقة . لكن في الوقت ذاته لا توجد عوامل سلام واضحة ومستقرة .
وما قاله المرشد الإيراني في لقائه مع أمير دولة قطر حول دعوته لتعزيز العلاقات بين دول منطقة الخليج في أعقاب التصعيد الأخير ، يحتاج إلى براهين إيرانية قبل ان تكون عربية أو خليجية ، ذلك ان ثمانية صواريخ بعد كلام المرشد الإيراني بساعتين قصفت قاعدة جوية عراقية شمالي بغداد واصيب أربعة عراقيين بينهم ضابطان. وهذا القصف ما كان ليحدث لولا تبعية المليشيات للقرار الإيراني . أعرف أنّ العراق اليوم اضعف من أن يتظلم لاصابة ضباطه ، لكن هذا الحال لن يقود إلى الاستقرار الذي يتحدث عليه المرشد .
التحجج الإيراني بوجود قوات أمريكية في قواعد عراقية لا يبرر على الإطلاق قصفها أو توكيل المليشيات لفعل ذلك، ذلك انه يفترض وجود استقلالية وسيادة للعراق يتقرر من خلالها مصلحة البلد في تحديد مدة التعاون العسكري ومستواه مع الولايات المتحدة أو سواها، وهو خيار عراقي مهما كان مزعجاً لدول أخرى .
الأساس هو عدم انطلاق اعتداء من أراض عراقية نحو أي جار، وليست الفرضيات الإيرانية المروج لها .
إيران مدعوة لتفكر في استراتيجية مد الذراع خارج أراضيها وماذا حصدت لها من نتائج مفيدة، ولتقم بمصارحة نفسها في انّ خيار إقامة علاقات جديدة مع العالم العربي مبني على أسس عدم استخدام أية قوة عسكرية رسمية أو بالنيابة في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين أو أي مكان.
إيران مرّت بمرحلة الثورة لكن الاستغراق فيها للأبد والتطلع إلى تصديرها، وإن كان بشكل مقنن، هو مقتلها الأكيد، حتى لو مضى ثلاثون عاماً من بسط أجنحة النجاحات (الوهمية) .
العالم العربي يحتاج إلى تعاون مثمر واستراتيجي مع إيران وتركيا أيضاً للنهوض الاقتصادي والتنموي في المنطقة لاسيما العراق الوحيد تقريبا على التماس الجغرافي المباشر مع الدولتين ، من اجل تقليل الاعتماد على الغرب ، لكن ذلك لا يمكن أن يكتب له النجاح من خلال بيانات عسكرية للحرس الثّوري .