: آخر تحديث

الناتو الأميركي ووارسو الايراني

97
89
70
مواضيع ذات صلة

أرض و سماء الشرق الاوسط تشهد واحدة من اهم عمليات نسج التحالفات المتقاطعة والمتشابكة التي تذكرنا بشبكة التحالفات المتقاطعة ابان فترة الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بكارثة الحرب الاممية التي دفعت جميع القوى الاوربية فيها الثمن قتلا ودماراً حطاماً وعار.

الدول العربية اليوم على اعقاب تشكيل تحالف استراتيجي اخترعته الولايات المتحدة لكي يكون النسخة العربية لحلف الناتو.

هذه الفكرة يتم الترويج لها لتكون البديل العملي للتجمعات و للمنظمات العربية التي تحولت الى متاحف من الماضي القريب، وكذلك لتكون انعكاساً لتطور فكرة الامن والدفاع في الشرق الاوسط.

فلا يمكن ان يتحقق الامن في الشرق الاوسط دون قبول وتقبل للاقدار التاريخية والجغرافية في هذه المنطقة، وهذه فكرة صحيحة ومنطقية شئنا ام ابينا.

ويذهب المروجون لها الى ان حلف الناتو تقبل قدره التاريخي والجغرافي وقبل على مضض عضوية تركيا لتكون ثاني أكبر قوة عسكرية بعد الولايات المتحدة في حلف الناتو فإن العرب يجب ان يتقبلوا قدرهم التاريخي والجغرافي ويقبلوا بشراكة استراتيجية مع اسرائيل لتكون القوة النووية الموازنة للصراع مع ايران.

ولكن حلف شمال الاطلسي او الناتو عندما تشكل في اعقاب الحرب العالمية الثانية لمواجهة المد السوفييتي، تشكل بين قوى منتصرة في الحرب حتى وان كانت مفلسة ومنهكة، واصر الرئيس الامريكي هاري ترومان ووزير خارجيته جورج مارشال في وقتها على ان تتحمل اوربا تكاليف امنها بالشراكة المتوازنة مع الولايات المتحدة التي ستكون رأس حربة في ما كان يعرف بالحرب الباردة.

اليوم يريد ترامب وصقور البيت الابيض استنساخ نفس الفكرة في الشرق الاوسط هذه المنطقة التي لا تشبه اوروبا لا من حيث العلاقات الايديولوجية ولا الاقتصاد ولا الجغرافية ولا قدر التاريخي، ويتحمل العرب تكاليف امنهم بالشراكة غير المتوازنة مع اسرائيل والولايات المتحدة.

والاخطر هو ان هذا الناتو العربي يستبعد اهم الدول الاسترتيجية في المنطقة وخاصة العراق وسوريا ولبنان والتي ستكون مثل دول اوربا الشرقية التي تركها الحلفاء لتتحول الى غنائم حرب للسوفييت ثم ارتدت هذه الغنائم لتثقل عاتق الاوربيين بعد ان استنفذها القادة السوفييت و لفضتها روسيا بعد ان حولتها الى بؤر للفقر والاجرام والصراعات والحروب. خطورة الناتو العربي قد يتبعه خطر اخر وهو تشكل وارسو عربي من تلك الدول التي استبعدت من التحالف الاستراتيجي وهو ما سيقود المنطقة الى صراعات بينية وحروب بالوكالة اشد وافدح من الصراعات غير المحسومة الراهنة.

التحالف الاستراتيجي فكرة عظيمة لو تم نسجه على اساس من التوازن والاستقرار ولكنه فكره خطرة جداً لو تم نسجه على اسس هشة وبين متصارعين غير متوازنين وغير متزنين.

حتى اوروبا التي عرفت قروناً من التحالفات وادارتها عبر فطاحل من الدبلوماسيين الاوربيين المتمرسين والضالعين في القضايا الاوربية الشائكة ورغم ذلك يقف الحلف الاطلسي اليوم متعثراً تتجاذبه تيارات التغيير الاقليمية والدولية حتى اصيب بحالة من الشلل ويفيض منتقدوه بانه اصبح مفرغاً من محتواه واهدافه وان الناتو تحول الى اداة لتحقيق اهداف الولايات المتحدة ومغامرات قادة البيت الابيض في العالم. ذلك على القادة العرب ان ينتبهوا الى المثالية المغرية في فكرة التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وان لا يتجاوزوا اهمية ان يكون اي تحالف عربي جامعاً للعرب دون استثناء حتى وان لم يعجب ذلك الامريكان ولا يمكن السماح بان تتحول المنطقة الى ساحة صراع بين الناتو الامريكي و وارسو الايراني.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في