: آخر تحديث

هكذا يكون السفير ناجحًا في واشنطن

86
97
99
مواضيع ذات صلة

تبقى قواعد الدبلوماسية في أروقة العاصمة ألأميركية واشنطن هي نفسها، قائمة على أسس راسخة، في مقدمها الصدقية والاستقلالية وعدم الإنحياز إلى اي طرف في السياسة الأميركية.

ربما يظن السفراء الأجانب في واشنطن هذه الأيام أن قواعد الدبلوماسية تغيرت في الأجواء المختلفة التي أشاعتها ادارة الرئيس دونالد ترمب. الأحرى بهم أن يتبعوا بعض المبادئ العامة التي لا تتغير، ليكونوا سفراء ناجحين.

أول قوانين الدبلوماسية هو الاستماع ثم الاستماع ثم الاستماع.السفير الذي يمارس الدعاية والمبالغات يفقد صدقيته ولا يؤخذ على محمل الجد. وسواء في ما يلقيه من كلمات أو ما يقوله في مقابلات صحفية، عليه أن يبتعد عن السجالات والدعاية، فالدبلوماسية الجيدة تقوم على الحقائق.

الواقعية أساس

كي يكون السفير فاعلًا ومؤثرًا، عليه أولًا أن يكون قادرًا على الوصول إلى صانعي القرار في البلد المعيَّن فيه وأن تكون له كلمة مسموعة في حكومته.

بغية الوصول إلى مراكز القوة في واشنطن ـ البيت الأبيض والكونغرس والاعلام ومؤسسات البحث ـ يجب أن تكون لدى السفير والدولة التي يمثلها استراتيجية أساسها الواقعية.

لاحظ هنري كيسينجر مرة أن الدبلوماسية لا تعمل أبدًا في فراغ، وأنها لا تُقنع ببلاغة ممارساتها، بل بإقامة توازن بين الحوافز والمخاطر.

على السفير أن يعرف كيف تعمل واشنطن، وأن يتحرك بطرائق تعكس الحقائق السياسية الأميركية القائمة على حقائق، لا خيالات. السفير الاستثنائي يحتاج إلى أن يفهم أيضًا أن السياسة في واشنطن جانب مهم من جوانب صنع السياسات.

قانون لوفتاس

كي يكون الدبلوماسي المقيم في واشنطن ناجحًا في عمله، يجبأن يتصرف وفق "قانون لوفتاس". كان جوزيف لوفتاس صحافيًافي نيويورك تايمز ثم عمل مساعد وزير العمل جورج شولتز للاتصالات. 

يستعرض شولتز في كتابه "قضايا تشغل بالي: استراتيجيات للمستقبل"، مبادئ قانون لوفتاس لكسب ثقة الإعلام، بما في ذلك عدم الكذب وأهمية الصدقية التي لا يمكن إصلاحها إذا دُمرت، والاجابة المباشرة عن الاسئلة من دون خوف من الرد بعبارة "لا تعليق"، وعدم عقد مؤتمر صحفي إلا إذا كانت لدى السفير أخبار يريد إذاعتها، ومساعدة الصحافيين على الوصولإلى المعلومة الصحيحة، وعدم التصرف كما لو أن الصحافة عدو، مهما بدا ذلك مغريًا في بعض الأحيان، وضرورة أن يكون السفير مواكبًا أحدث التطورات، من دون انفعال.

قدرة السفير على إقناع المستمع لا تقل أهمية عن طلاقته في التحدث بالانكليزية. وعلى السفير الممتاز أن يكون متواضعًا يبتعد عن الفخفخة الفارغة، ويكون لديه حب استطلاع. ويجب عدم الخلط بين الدبلوماسية وذرابة اللسان. 

تفادي الجسور المحترقة

من العناصر الضرورية الأخرى لعمل السفير الناجح أن يحضر الاجتماعات وهو في كامل الاستعداد لتجنب المفاجآت، وأن يفكر مليًا قبل الكلام وأن يكون لديه حلفاء متنفذون.

على السفير الاستراتيجي أن يُقيم شبكة من العلاقات المتينة مع أشخاص يكونون أحيانًا معك وأحيانًا أخرى ليسوا معك.

يجب أن يكون السفير الناجح ماهرًا في بناء العلاقات وتفادي الجسور المحترقة. ويكتب شولتز الذي اصبح فيما بعد وزير الخارجية "إذا قلتَ أن شيئًا ما غير مقبول لكنك مستعد لفرض عواقب عندما يحدث فان كلماتك ستفقد معناها وانت ستفقد صدقيتك. ولا يكون دليل ضعف أن تجتمع مع نظيرك. والمهم هو ما تقوله".

أهمية الإخلاص

من الدروس المهمة الأخرى للسفير ألا يتخذ ابدًا جانب هذا الطرف أو ذاك في السياسة الأميركية، لا علنًا ولا في مجالسهالخاصة. فذلك يلحق ضررًا جسيمًا ببلده، ويحد من قدرته على فتح الأبواب ويؤدي إلى عدم الثقة به. 

طلب سي. ايل. سولتزبرغر مراسل نيويورك تايمز مرة من المستشار الالماني السابق كونراد أديناور أن يسمي أعظم رجل قابله. فأجاب اديناور إنه جون فوستر دلاس، وزير خارجية آيزنهاور. وحين سأله سولتزبرغر عن السبب، قال اديناور "انه كان يفكر بعيدًا، برؤى لما هو آت، وكان عند كلمته، يفعل ما يقول".

السفير المحنك يجمع بين النظرة العملية والرؤية الاستراتيجية الكبرى القائمة على الواقعية. أخيرًا، على السفير الناجح أن يضع نصب عينيه كلمات تي. إي. لورنس: "الإخلاص هو الشيء الوحيد الذي يتحسن بمرور الوقت".

* ترجمة عبد الاله مجيد

ترجمت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "واشنطن ديبلومات". الأصل منشور على الرابط:

http://www.washdiplomat.com/PouchArticle/cms/index.php?option=com_content&view=article&id=722


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في