: آخر تحديث

لِم كلّ هذه الغضبة النشاز؟

80
94
70
مواضيع ذات صلة

لم يكونوا يأملون أو يرجون من السعودية أن تتحرر من ثوبها العتيق البالي، صعقتهم التغييرات الإستراتيجية الحضارية الكبيرة، لم يتقبلوا رؤية شابّة وقيادة شابّة وعدت شعبها باللحاق بركب الحضارة الإنسانية وإخراجه من ظلمات الفكر الماضوي، لم يتقبلوا أن تتحرر السعودية من الحاجة الى السلاح الأمريكي والمنتجات الغربية وأن تصنعّ سلاحها بنفسها وتطور قدراتها بأيدي ابناءها وعلماءها.

فجعهم توجه المملكة للتحرر من التشدد الديني الذي خدم مصالح الغرب السياسية والاقتصادية منذ أيام الاتحاد السوفيتي والحرب الباردة، كما وخدم أجندة التمدد السرطاني الإيراني أيما خدمة..!

وأقصى الوبال عليهم أن المملكة لم تطاوعهم في التهليل والتطبيل لربيعٍ أسودٍ مشبوهٍ، ليس فيه من ربيع براغ أو تحرر شعوب أوروبا الشرقية، أيُ ملمحٍ نقيٍ واعد..!

ثم مبادرتها لإنقاذ الشعب المصري بملايينه المائة من الإخوان، بدعم اقتصادي هائل سمح بانفراج الأزمة الاقتصادية والحفاظ على مصرية وعروبة أم الدنيا.  

وليس خاف حجم ارتباط الإخوان بالأجندات الغربية وحجم التوافق مع الأجندة الإيرانية منذ أيام الخميني ومرورا ببن لادن وقاعدته ثم فاجعة احتلال العراق وتسليمه لإيران.

القيادة السعودية الشابة الجديدة أدركت هذا كله واستوعبته فنهضت لتحرير ذاتها من صداقة ملغومة مع الأمريكان، وتوجهت لتنويع مصادر السلاح وعقدت الصفقات الضخمة مع الروس والأوربيين والصينيين ووضعت برامج تصنيع محلي للسلاح وتكنولوجيا الفضاء ووو.

-2-

أما الضربة القاتلة القاصمة التي قام بها اللاعب السياسي الفتيّ البارع، والتي ترافقت مع إخماد نار الفتنة الإخوانية في الأطراف، التوجه صوب المركز.. المركز التنفيذي المحلي للمخطط الغربي الرهيب.

نعني.. الشقيقة المشاغبة قطر. 

هذا ما لم يجزهْ الغرب ولم يتقبله.

وسعتْ قيادات كبيرة للضغط على المملكة سياسيا وإعلاميا وعبر التهديد والوعيد لإجهاض قرار المقاطعة، الذي يعني في الأساس إجهاض برنامج الفوضى الخلاقّة وتمزيق الدول العربية وخلق تكوينات "مكوناتية "شبيهه بالحالة العراقية الشاذّة المريضة، مما يخدم في المقام الأول الغرب حيث تنتعش تجارة السلاح والتكنولوجيا الحربية وتشتعل حروب صفوية عثمانية جديدة لا يعلم مداها إلا الله.

-3-

لم ينشغل العالم عبر قرن أو أكثر بقتيل كما انشغل بالمرحوم خاشقجي..!

قُتل رئيس الوزراء اللبناني المنتخب الحريري الأب، فلم تهتم صحف الغرب وإعلامه وقياداته كما انشغلت بالمرحوم خاشقجي..!

ولم يطالب أحد بتسليم القتلة للعدالة الدولية رغم إنهم أحياء يرزقون...!

ولا حتى بمقتل الرئيس كندي ذاته..!

أو الكثير من الرؤساء والوزراء هُنا وهناك في عالمنا المعاصر...!

عاقبوا القذافي على مقتل أمريكان، ولم يهتم أحد بمقتل مئات الفرنسيين والأمريكان على يد حزب الله، ولم تبال صحافة الغرب ولم يعاقب القتلة حتى يومنا هذا، ولا زالوا أحرار طليقين.

هاجم الأمريكان العراق ودمروه ونشروا الخراب والفوضى فيه، ولا زال البلد بعد خمس عشرة عاما ممزقا مسلوب الإرادة يتحكم فيه السفير الأمريكي بالتناوب مع سليماني، ولم نسمع حتى اليوم إقراراً صريحا بالأسف على جريمة الغزو. 

ولا تعويض عن ضحايا اليورانيوم المُنضّب وخراب المدن وقتل الأبرياء ونشر الفتنة الطائفية وتسليط الحثالات الأمية المتخلفة الفاسدة على مقاليد السلطة عبر ديموقراطية مشوهة.

فلماذا خاشقجي بالذات؟

لِمَ كُل هذا الغضب...المثير للاستغراب!

-4-

المملكة اليوم في حالة حرب، الوطن السعودي في حالة حرب، الشعب يقاتل دفاعا عن ارضه ووجوده وحريته ومستقبله وثقافته..!

الصواريخ الإيرانية تنهال على الأرض السعودية.

القطريون يتآمرون بقوة، يحتضنون أتراكا وإيرانيين في بلدهم ويسهمون بوقاحة في التخطيط والتآمر على المملكة.

أي بلدٍ يُجيز لنفسه وهو في مثل هذه المحنة المتلاطمة أن يتسامح مع بعض أبناءه الذين يرتمون في أحضان الأعداء وينظّرون لليبرالية غريبة نشاز بينما البلد في محنة وجودية بهذا الحجم؟

وليس خاشقجي رحمه الله مثل أيٍ آخر من الأبناء.

ليس كأي صحفي مبتدئ متواضع مغامر ولا كاتب رأيٍ ذو جذور ليبرالية أو علمانية ولا صاحب فكرْ، بل رجلٌ كان من أهل البيت وركنٌ من أركانه الإعلامية والسياسية وبالتالي فما كان مقبولا أو مُبرراً أن يلجأ لأعداء بلده مدعيا الليبرالية وداعيا لفوضى ثقافية وسياسية في بلده بينما هي في حالة حرب دفاعية..!

رحم الله الرجل وبوركت المملكة في شجاعتها على الاعتراف بالفعل ومحاسبة الفاعلين بشكل عاجل.

وبهذا نجت المملكة من فخ ابتزازي بشع لأطراف عديدة غربية وإقليمية.

نجت من إرباك تام لأجندتها الإصلاحية العظيمة التي سيعم خيرها ولا شك كامل المشرق والمغرب العربيين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في