ألقى على صديقه قصيدة دون أن يذكر اسم الشاعر، أبدى المتلقي إعجابه بالقصيدة ثم سأل: من الشاعر؟، ذكر له بعض المقولات دون أن يذكر اسم صاحبها، فسأله: من القائل؟ قال لصديقه: قبل أن أقول لك من الشاعر ومن القائل، أريد أن أشيد بذائقتك الموضوعية، الشاعر غير مشهور والقائل كذلك لكن من الواضح أن رأيك لا يتأثر بالأسماء المشهورة وتأثير الهالة.. التقييم أو الآراء الموضوعية للمقولات أو الأشعار أو اللوحات الفنية أو الكتب هو التقييم الذي يتم دون معرفة القائل أو الشاعر أو الرسام أو المؤلف. ما يحدث أحيانا أن الاسم الذي يحقق الشهرة كفرد أو مؤسسة لعمل معين أو نجاح في مجال محدد يحاط بهالة مؤثرة تجعل المتلقي يمارس التعميم والراحة الفكرية فيخزن في ذهنه آراء وأحكاما يلجأ إليها عند الحاجة ولا يقبل بمراجعتها ناهيك عن تغييرها!
الحديث هنا عن تأثير الهالة وتكوين رأي أو انطباع عن أفراد أو مؤسسات وتثبيت هذا الرأي أو الانطباع ليكون بمثابة القانون أو الرأي غير القابل للتغيير وغير القابل للنقاش. الخضوع لهذا التأثير قد يعبر عن كسل فكري حين يتمسك صاحب الآراء الثابتة بآرائه وانطباعاته عن أفراد أو مؤسسات مهما تغيرت الظروف والنتائج. ويمكن تفسير الخضوع لهذا التأثير بعوامل الانحياز العاطفي أو الانتماء أو قوة المؤثرات الإعلامية والاجتماعية.
يمكن القول أن التقييم بدون أسماء هو أحد الحلول لتحقيق التقييم الموضوعي لأي عمل أو منتج ثقافي أو فني أو تقييم لأعمال المؤسسات، هذا التقييم سيكون محصنا من الانحياز العاطفي ومن تأثير الهالة، وهو التقييم المفيد الذي يثري الأفكار ويساهم في التطوير سواء للأفراد أو المؤسسات.
هذا موضوع له علاقة مباشرة بالتعليم؛ فالمؤسسات التعليمية هي المكان المناسب للتأسيس والتفكير المستقل والتدريب على الموضوعية وتجنب تأثير الهالة في إصدار الأحكام والآراء والانطباعات وحتى في بناء العلاقات الاجتماعية.

