: آخر تحديث

«فيفا» ومباريات السياسة

2
2
1

بعيداً عن الجانب الصعب المُعقّد من مفاوضات ومناورات قمّة شرم الشيخ المصرية للسلام وإنهاء الحرب في غزة، كان هناك جانبٌ خفيفٌ ولطيفٌ، في ظاهره... حيث كان من أعجب الأشياء التي حصلت في قمّة شرم الشيخ، حضور رئيس منظّمة «فيفا» رأس الهرم العالمي في رياضة كرة القدم جياني إنفانتينو.

تساءل جملة من الصحافيين الرياضيين على منصّة «إكس» عن سبب حضوره لقمّة سياسية أمنية بامتياز.

لم يتضح على وجه التحديد السبب المباشر لحضور رئيس «الفيفا»؛ إذ إنه وفق ما أفادت به «بلومبرغ» فإن البعض أرجع السبب إلى الصداقة التي تجمع ترمب بـ«إنفانتينو»، إذ أشاد بالرئيس الأميركي في مناسبات عدة، وعبّر عن دعمه العلني لترشيحه إلى جائزة نوبل للسلام.

خلال هذه القمّة شكر ترمب رئيس «الفيفا» على دعمه لجهود وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «وجوده هنا يرمز إلى أنَّ السَّلام لا يقتصر على السياسيين فقط، بل يشمل كل من له تأثير عالمي».

كل هذا فتح النقاش على الخلط بين السياسة والرياضة، وهو نقاشٌ قديمٌ مُتجدّدٌ، رئيس «الفيفا» الحالي، إنفانتينو، رجل مثيرٌ للجدل، وقد قال خلال كلمته الافتتاحية في الجمعية العامة لأندية كرة القدم الأوروبية، مؤخراً: «الآن، هناك وقف لإطلاق النار، ويجب أن يكون الجميع سعداء بذلك... صحيح أنَّ هذا الموضوع بعيد عن كرة القدم، ولكن عالم كرة القدم معني به أيضاً».

«الفيفا» دوماً ترفع شعار «لا خلط بين السياسة والرياضة»، وتحديداً كرة القدم، لكن الواقع يقول خلاف ذلك، ومن آخر مظاهر الخلط الشديد بين السياسة والرياضة عالمياً «نبذ» روسيا من مسابقات كرة القدم الخاضعة لإشراف «الفيفا»، وأهمّها «المونديال» (كأس العالم)، حيث تمّ استبعاد روسيا من تصفيات كأس العالم، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بصرف النظر عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، أو تأييده، هذا بحثٌ آخر.

هناك قوانين لـ«الفيفا» تمنع إظهار الشعارات السياسية أو الدينية في المباريات الدولية أو مدرجات الجمهور أو أي شيء يخضع لسلطة «الفيفا»، وتمّ تطبيق عقوبات على منتخبات وأندية بسبب مخالفة هذه القوانين.

هذا شيء حسن، لكنَّه ليس مطّرداً على الدوام، فقد دعمت، أو تغاضت «فيفا»، عن رفع شعارات ورمزيات تدعم مجتمعات المثليين الجنسيين، في أوروبا، وهذا دعمٌ صريح لتيارات واتجاهات سياسية أو يمكن تصنيفها عقائدية.

نعم الرياضة تنثر السلام وتربط الشعوب ببعضها، لكن يظلُّ ذلك مشروطاً بأن تظلّ محصورة في ميادين الرياضة، فقط، هنا تكمن فرادتها وسحرها وقوتها.

أقول قولي هذا وأنا أتمنّى عودة السلام والوئام إلى أهل غزة، وأن نرى مباريات كرة القدم تُقام في ملاعب غزة، وغير ذلك من الرياضات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد