سارا القرني
اليوم الوطني هو يوم استثنائي في ذاكرة الأوطان، يوم تتوقف فيه الساعات قليلًا لنستعيد قصة تأسيس دولة عظيمة قامت على أسس الوحدة والإيمان بأن الأرض لا تُبنى إلا بتكاتف أبنائها. إنه اليوم الذي يذكرنا بأن ما نعيشه من استقرار ورخاء اليوم هو نتاج كفاح وتضحيات جسيمة قدّمها القادة الأوائل، ليبقى الوطن عزيزًا شامخًا بين الأمم.
أهمية اليوم الوطني لا تكمن فقط في كونه مناسبة للاحتفال، بل في كونه فرصة لإعادة ربط الأجيال بتاريخها العريق. حين نروي لأطفالنا كيف وُحّدت البلاد تحت راية واحدة، فإننا نزرع فيهم بذور الانتماء ونُعلّمهم أن الوحدة لم تكن حدثًا عابرًا بل مسيرة كفاح ملؤها الإيمان والإصرار.
هذا اليوم هو مساحة للتأمل بقدر ما هو مساحة للفرح. التأمل في قيمة الأرض التي نعيش عليها، في الهوية التي تجمعنا، وفي المسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد منّا تجاه مجتمعه ووطنه. فالوطن لا يُحفظ فقط بالشعارات، بل بالعمل الدؤوب والمساهمة الفاعلة في تطويره وحمايته.
الاحتفال باليوم الوطني يجب أن يكون له أبعاد متعددة: ثقافية، تعليمية، اجتماعية، وحتى اقتصادية. يمكن أن يُترجم في فعاليات مثل: - إقامة معارض تُجسّد التاريخ الوطني بأسلوب تفاعلي، يتيح للأطفال والشباب عيش أحداث الماضي بطرق حديثة.
- إطلاق مبادرات تطوعية تحمل رسالة الوطن، مثل تنظيف الأحياء أو زيارة المستشفيات ورسم البسمة على وجوه المرضى.
- تنظيم أمسيات شعرية وموسيقية تُعبر عن حب الوطن وتُعيد إحياء التراث في قلوب الجيل الجديد.
- إقامة ندوات فكرية تُعزز وعي الشباب بمكانة الوطن إقليميًا وعالميًا.
لكن الأهم هو أن نتعامل مع اليوم الوطني كفرصة سنوية لصناعة ذاكرة جمعية مشتركة. ذاكرة تقول للجيل القادم: هذا اليوم لم يكن مجرد احتفال، بل كان محطة تعلّمنا فيها قيم الولاء والانتماء، وأدركنا أن الحب الحقيقي للوطن يظهر في المواقف والأفعال لا في الكلمات فقط.
من القواعد التي تجعل هذا اليوم مميزًا في قلوب الجميع:
- أن يكون يومًا للتقارب الأسري، حيث تجتمع العائلات لتبادل القصص الوطنية وتعزيز الروابط العاطفية بين الأجيال.
- أن تُمنح المدارس دورًا أكبر في ترسيخ هذا اليوم من خلال الأنشطة التربوية التي تجمع بين التعليم والمتعة.
- أن تُكرَّم فيه الشخصيات الوطنية التي أسهمت في بناء المجتمع، ليكونوا قدوة للأجيال القادمة.
- أن يُستثمر اليوم الوطني في بث رسائل عالمية عن قوة الوحدة الوطنية ودورها في صناعة الاستقرار.
اليوم الوطني ليس نهاية بل بداية جديدة في كل عام. بداية لإعادة النظر في مسؤولياتنا، وبداية لتجديد العهد مع وطننا.
وعندما يكبر الأطفال وهم يرون هذا اليوم محاطًا بالهيبة والاحترام، فإنهم سيتعلمون أن الوطن أكبر من مجرد أرض، إنه هوية وكرامة وملاذ.
إننا باحتفالنا باليوم الوطني نعلن أمام العالم أننا أمة تعرف قيمتها وتعتز بتاريخها، وأننا ماضون في مسيرة البناء والتطور بلا توقف. فالوطن يستحق أن يُحتفل به كل يوم، لكن هذا اليوم بالذات يجب أن يبقى علامة فارقة تُذكّرنا بماضينا، وتُلهمنا لمستقبلنا.