: آخر تحديث

إطلاق طاقات الاستثمار

1
0
0

الرياض قلْب المملكة النابض وإحدى أهم وأجمل مُدُن العالم، بزخمها الجيوسياسي، والحضاري، والاقتصادي والإنساني، تؤكد ريادتها العالمية من خلال الحراك التنموي، والعمراني، والتطوير المذهل الذي طال جميع مفاصلها، وخلق منها أنموذجاً عالمياً رائداً، تهفو مدن العالم إلى محاكاتها، ومجاراة نموّها، وازدهارها غير المسبوق.

اليوم، تمضي الرياض بخطى واثقة نحو مستقبل يتّسع للإنسان، ويستوعب أحلامه، وطموحاته، ويوفّر له جودة حياة لا يجدها إلا في المملكة عموماً- والرياض بشكل خاص. وقد استندت في هذا الحراك والنمو المذهلين إلى قرارات عظيمة ورشيدة من قيادتنا الفذّة التي دعمت كل المبادرات النوعية التي تستهدف رفع جودة الحياة، وتحقيق التوازن في السوق العقاري، وتكريس بيئة عمرانية مستقرّة تعكس مكانتها كعاصمة مزدهرة، وقد تُرجم هذا الاهتمام عبر تطوير البنى التحتية الحديثة، وتعزيز الشفافية في التعاملات العقارية، وصولاً إلى إطلاق برامج تُمكّن المواطن من تملّك مسكنه المناسب، كل هذا أكد إرادة الدولة الجادة الحازمة في تحويل العقار من مجرد أرقام إلى ركيزة استقرار اجتماعي، وحضاري، وطريقاً لتشييد مدينة على أُسس الاستدامة والعدالة العمرانية.

بالأمس أعلنت وزارة البلديات والإسكان، خرائط النطاقات الجغرافية الخاضعة لتطبيق رسوم الأراضي البيضاء في مدينة الرياض، وجاء في ثنايا الخبر بأنها خطوة محورية تهدف إلى تعزيز الشفافية وتمكين الملاك والمطورين من معرفة التزاماتهم، وتحفيز تطوير الأراضي داخل النطاق العمراني، وذلك إنفاذًا لتوجيهات سمو ولي العهد -حفظه الله-، لتحقيق التوازن في السوق العقاري.

لا شك بأنها استجابة لإعادة هيكلة السوق العقاري وضبط إيقاعه بما يخدم المصلحة العامة؛ فلطالما شكّلت الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني تحدياً أمام التوازن العقاري، حيث تسهم في ارتفاع الأسعار وتعطل حركة التطوير.

ولعل من أبرز ملامح القرار أنه لا يقف عند حدود فرض الرسوم فحسب، بل يربط بين التحصيل وبين مشاريع الإسكان، بحيث تُعاد الإيرادات إلى المجتمع في صورة وحدات سكنية جديدة، وهو ما يعكس فلسفة «الدورة التنموية» التي تحرص عليها المملكة: معالجة الخلل من جذوره، وإعادة استثمار العوائد في تعزيز المعروض السكني، وتلبية تطلعات المواطنين في تملك المسكن المناسب.

ويأتي تطبيق الرسوم بنسب متفاوتة تصل إلى 10 % في الشرائح ذات الأولوية القصوى، كأداة عملية لكسر الاحتكار، وإعادة ضخ هذه المساحات في شرايين التنمية. وكما أوضحت الوزارة في بيان لها بأنه تم تحديد النطاقات الجغرافية بناءً على دراسة دقيقة لأولويات التنمية العمرانية في العاصمة، إذ قُسِّمَت إلى خمس شرائح تهدف إلى توجيه التطوير نحو المناطق الأكثر احتياجًا.

وستُطبق الرسوم السنوية بنسبة 10 % على الأراضي الواقعة في الشريحة ذات الأولوية القصوى، و7.5 % للعالية، و5 % للمتوسطة، و2.5 % للمنخفضة، إضافة إلى شريحة خارج نطاق الأولويات التي لم يفرض رسوم عليها، وتحتسب من ضمن مجموع الأراضي البيضاء المملوكة للمكلف داخل نطاق المدينة.

ومن اللافت، والجدير بالتوقف، هو ما أشارت إليه الوزارة مِنْ أنّ جميع الإيرادات المُحصّلة من الرسوم ستُخصص بالكامل لدعم مشاريع الإسكان؛ بما يُسهم في زيادة المعروض من الوحدات السكنية للمواطنين. وهذه الخطوة ليست معزولة، بل جزء من مسار متكامل يقوده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، لإعادة تشكيل المشهد العمراني في العاصمة، وبناء مدينة متوازنة، نابضة بالحياة، متاحة للجميع؛ فالرسوم ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لإعادة توجيه التنمية، وتحرير الأراضي من الجمود، وإطلاق طاقات الاستثمار بما يخدم الإنسان والمكان.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد