محمد الرميحي
النقاش الدائر في لبنان حول سلاح «حزب الله» يبدو أنه عبثي، فمن الواضح لأي عاقل أن أي مجتمع يحضر فيه السلاح بيد أكثر من مكون، يعني فشل الدولة.
هذا بالضبط ما حدث في لبنان، كما أن الخوف الدائم من بعض المكونات من مكونات أخرى طائفية أو عرقية أو أيديولوجية تحمل السلاح، تعني الريبة الدائمة في الآخر، كما أنه في المحافل الدولية تفتح الباب للتدخل الخارجي تحت ذريعة ما تسمى مكافحة الإرهاب أو أية تسميات أخرى رديفة.
وجود سلاح «حزب الله» أثر على قدرة الدولة في لبنان على اتخاذ قرارات الحرب والسلم، وقرارات التنمية وقرارات السياسة المالية والاقتصادية الحاكمة، والظاهرة ليست مقتصرة على لبنان، فهناك في العراق ميليشيات مسلحة أضعفت نفوذ الدولة وأدت إلى انقسامات داخلية، وإلى إفلات المجرمين من العقاب، في ليبيا تعددت الفصائل المسلحة، وجعلت من الصعب بناء دولة موحدة بعد سقوط نظام معمر القذافي القمعي.
خلال السنوات السابقة بنى «حزب الله» قوته على التحالف مع إيران، ومن خلال النظام الأسدي الأب والابن المتغير في سوريا، وهدم النظام القديم بكل ما حمله من شعارات جوفاء، ووجود نظام جديد، يطارد الآن كل من آثم في حق السوريين، ومن بينهم، كما أعلن، «حزب الله» اللبناني، الذي تدخل في سوريا وعاث فساداً وقتلاً في أبنائها.
مع قفل البوابة السورية وعدم قدرة فاعلة للنظام الإيراني للمساعدة النشطة لـ «حزب الله»، لم يبقَ إلا الدعم اللفظي الذي جاءنا هذا الأسبوع من خلال تصريح يقول إن الدولة الإيرانية مع رأي الحزب في عدم التنازل عن السلاح، وفي هذا التصريح تدخل مباشر في شؤون دولة أخرى، تنادي إيران في مكان آخر بعدم التدخل في شؤون الآخرين، خاصة في شؤونها، هي تكيل بمكيالين.
استقرار منطقة الشرق الأوسط على رأسه نزع سلاح الميليشيات المختلفة في هذه البلدان العربية، وحتى يمكن أن تستقر الدولة، وتستطيع الشعوب أن تبني مستقبلها بشكل أفضل، حيث عطلتها الفوضى والاقتتال وضياع الحقوق.
المعركة في لبنان سوف تستمر، ولا يبدو أن الدولة اللبنانية سوف تتراجع عن ذلك القرار الذي اتخذته، بناء أولاً على مصلحة لبنانية، وثانياً استجابة لمتطلبات القانون الدولي ودول صديقة عديدة، تريد أن ترى لبنان مزدهراً ومسالماً يعيش أبناؤه بشكل متساوٍ تحت القانون.
إن غيّر الحزب اتجاه أشرعته، فإن ذلك يسهم في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، أما إذا قررت بعض قيادات الحزب التنافر مع الدولة، فإن ذلك سوف يؤدي إلى صراع في نهاية الأمر لا رابح فيه، وربما الخاسر الأكبر هم البيئة الحاضنة لـ «حزب الله».