يحقق قطار الاتحاد في دولة الإمارات أهدافاً اقتصادية، وسياحية، ونقلية عديدة (36.5 مليون مسافر سنوياً بحلول العام 2030)، ويحقق أيضاً العديد من الإيجابيات البيئية المتمثلة في خفض نسبة الكربون إلى 70 حتى 80٪، وهي النسبة الناجمة عن وسائل النقل في الشاحنات وعربات الطرق البرية، ويربط القطار دولة الإمارات بدول مجلس التعاون أو ببعضها، ويحقق قفزة نوعية في طبيعة نقل البضائع والركاب، وسرعة الوصول بأمان إلى مدن الدولة على اتساع شبكة سكك حديدية تمتد على مسافة 1200 كيلو متر، وكل هذه الإنجازات المدنية الحضارية تقع في إطار التنمية الاقتصادية والتجارية والبشرية التي تعمل عليها الإمارات بانتظام، ومن مرحلة اقتصادية ناجحة إلى مرحلة أخرى أكثر نجاحاً على مستوى المنطقة والعالم.هناك جانب آخر جدير بالقراءة والمعاينة الميدانية في مشروع قطار الاتحاد وهو الجانب الثقافي، فالقطار، أو ظاهرة القطارات في العالم كلّه هي ظاهرة ثقافية، جمالية، إبداعية تتصل بالأدب بشكل خاص، وتحديداً الرواية العالمية منذ أوّل تجربة نقل على السكك الحديدية في مقاطعة ويلز البريطانية عام 1814، مروراً بقطار الشرق السريع الذي انطلق في العام 1883، وارتبط بشكل خاص بالرواية البوليسية الشهيرة للكاتبة البريطانية أغاثا كريستي «جريمة في قطار الشرق السريع» عام 1943، وبقي هذا القطار «الروائي»، أو «الثقافي»، إن جازت العبارة، مصدر إلهام للكثير من الكتّاب الأوروبيين إلى أن توقف في العام 2009، باختصار معروف.. القطار مادة أدبية وفنية وجمالية في الشعر، والرواية، والقصة القصيرة، والسينما، والرسم، والغناء.وبحسب ملف ثقافي مهني حول ظاهرة القطار منشور في عدد يوليو/ أغسطس 2018 لمجلة «القافلة» الصادرة عن شركة «أرامكو» في الظهران، فإن أقدم قطار في العالم لا يزال يعمل حتى اليوم هو في الهند، وللقطارات متاحف كبرى في بعض بلدان العالم كنوع من الاستثمار الثقافي، وهناك محطات قطار قديمة تحوّلت إلى متاحف للأعمال الفنية، وبعض هذه المتاحف تحتوي على آرائك وحجرات وأثاث جلس عليه كبار أدباء العالم، والكثير من الأعمال السردية الكلاسيكية هي روايات قطارات منها على سبيل المثال:«آنا كارنينا» لتولستوي، ورواية «القصر» للألماني كلود سيمون، الحائز جائزة نوبل في العام 1985.قطار الاتحاد يأتي في هذا السياق الأدبي والثقافي الذي سوف يتكوّن بالتدريج حين يعتاد الركاب السفر بين إمارات الدولة، وهم يعبرون سلسلة من الجبال، والأنفاق والجسور، وفي المدى الأفقي تنفتح الصحراء على كثبان الرمل الحمراء، والعديد من الواحات والمعماريات والقلاع التاريخية، في إطار تنوّع تضاريسي جغرافي وتشكيلي في الوقت نفسه ضمن رؤية بصرية يعزز جمالياتها السفر بالقطار، والانتقال من بيئة إلى أخرى.. من بيئة البحر إلى بيئة الصحراء، ثم بيئة الجبال.يوصف القطار بأنه بيت عالمي سكاني متحرك، ووفق هذا التوصيف الدقيق فإن كل رحلة ركّاب في قطار الاتحاد هي بيت لمنظومة من اللغات الحية المتجاورة، كما أن القطار هو مستطيل إنساني جامع للأصوات، والعادات، والأزياء، والألوان على مدى مكاني إماراتي عنوانه: التسامح، والتعايش، وبهجة السفر على سكة حديدية.
قطار الاتحاد الثقافي
مواضيع ذات صلة