: آخر تحديث

ما فعله السلاح المتفلت بلبنان والعراق واليمن... وغزّة!

2
2
2

خيرالله خيرالله

دخلت المنطقة العربيّة مرحلة جديدة لا مكان فيها لمفاهيم الماضي القريب وذلك بعدما أثبتت التطورات التي تلت هجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023، أنّ لا مكان للسلاح المتفلت الذي أخذ غزّة وأهل غزّة إلى كارثة.

لذلك، يبدو مفيداً لو يتوقف الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، قليلاً ويسأل نفسه، ماذا فعل سلاح حزبه بلبنان؟ يستطيع أن يسأل نفسه أيضاً ماذا فعل السلاح المتفلت بالعراق أو باليمن وذلك منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 سبتمبر 2014؟

يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، والتساؤل ماذا فعلت فوضى السلاح بغزة، خصوصاً منذ الانسحاب الإسرائيلي منها كلّياً صيف العام 2005؟

لدى الكلام عن السلاح المتفلت، يمكن أن نبدأ بلبنان حيث شكل هذا السلاح، مدرسة تعلّم منها كثيرون. يبدو السلاح المتفلت الذي أخذ لبنان إلى الحضيض، الطريق الأقصر للقضاء على مؤسسات الدولة.

من هذا المنطلق، لايزال نعيم قاسم يعتقد أنّ هناك دوراً لسلاح الحزب غير دور الاستقواء على الداخل اللبناني.

يمكن افتراض أنّ «المقاومة الإسلاميّة» حررت جنوب لبنان وأجبرت إسرائيل على الانسحاب، في مايو 2000، من الجيب الذي كانت تسيطر عليه. أعلن مجلس الأمن وقتذاك أنّ إسرائيل نفذّت القرار الرقم 425 الصادر عن المجلس في مارس 1978.

ما الذي فعله الحزب بعد ذلك كي يعطل مسيرة استعادة لبنان عافيته عن طريق الاحتفاظ بسلاحه؟ اختلق قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ليتابع مسيرة السلاح خدمة لمشروع إيراني لا علاقة للبنان به من قريب أو بعيد.

لنضع جانباً عملية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه وكلّ الاغتيالات ومحاولات الاغتيال الأخرى وافتعال حرب صيف 2006 التي أوقفها صدور القرار 1701 الذي يتحدث نعيم قاسم الآن عن ضرورة تنفيذه.

لم تكن من نتيجة للاحتفاظ بالسلاح غير الشرعي، بحجة وجود «مقاومة»، غير المبادرة إلى فتح جبهة جنوب لبنان ورفع شعار «إسناد غزّة». بدل الاعتراف بالخطأ أو على الأصحّ بالجريمة التي ارتكبت في حقّ لبنان واللبنانيين، يسعى «حزب الله» حالياً إلى التمسك بالسلاح الذي يمتلكه، وهو سلاح أثبت عجزه عن أي نوع من المقاومة.

تبيّن أن سلاح «حزب الله» قاوم كلّ تقدّم في لبنان وأدى في نهاية المطاف إلى القضاء على النظام المصرفي فيه. أراد الحزب، ومن خلفه إيران، إفقار اللبنانيين كي يسهل الحكّم بالبلد وتحويله مجرّد ورقة تستخدمها طهران.

بات من الواضح أن التمسّك بالسلاح تمسّك بالاحتلال. لا وظيفة لسلاح ميليشيا مسلّحة غير الاستقواء به على اللبنانيين الآخرين ولا شيء غير ذلك.

ما لا يدركه نعيم قاسم وآخرون غيره أنّ لا قيامة للبنان بوجود سلاح «حزب الله». لا إعادة إعمار ولا انتهاء من الاحتلال الإسرائيلي ما دام السلاح موجوداً في أي بقعة من الأرض اللبنانية... تنفيذاً للقرار 1701 المطلوب قراءته قراءة جيدة لا أكثر.

لا مكان يذهب لبنان إليه غير مزيد من الخراب في حال العجز عن حلّ مشكلة سلاح «حزب الله». تلك تبدو رسالة المبعوث الأميركي توم برّاك الذي أراد القول للبنانيين إن عليهم إيجاد طريقة للخروج من مأزق سلاح «حزب الله» في وقت تتغيّر فيه المنطقة سريعاً.

في العراق، لم يأت سلاح الميليشيات المذهبية سوى بكل نوع من الويلات على هذا البلد المهمّ. نجد هذه الميليشيات، التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني والمنضوية تحت راية «الحشد الشعبي» تؤكد هذه الأيام أهمّية الاحتفاظ بسلاحها.

لا مستقبل للعراق، جرت فيه انتخابات أم لم تجر، ما دام هناك سلاح خارج سلاح الجيش العراقي. بات هذا السلاح الميليشيوي يقرّر من سيحكم العراق، من أنصار إيران، بغض النظر عن نتائج الانتخابات النيابية!

المضحك - المبكي أنه ليس في العراق سوى قلّة تريد أن تتعلّم ممّا حل بالبلد منذ سقوط نظام صدّام حسين في العام 2003. لن يتمكن العراق من إعادة بناء نفسه ومواجهة المشاكل الحقيقية التي يواجهها، بدءاً بكيفية التعاطي مع المكوّن الكردي، ما دامت الميليشيات تسيطر على القرار في بغداد.

في اليمن، لم يؤد سلاح الحوثيين، وهو سلاح في خدمة المشروع الإيراني، سوى إلى مزيد من التشظي لبلد سار على «طريق الصوملة».

كانت تجربة الصومال، الذي تفكك مطلع تسعينيات القرن الماضي، هي التجربة التي أراد اليمن تفاديها. إذ به، بفضل الإخوان المسلمين الذين انقلبوا على علي عبدالله صالح في العام 2011، ثمّ بفضل الحوثيين، يسقط فيها. لم يعد يوجد يمني واحد، يحب بلده فعلاً، لا يلعن السلاح غير الشرعي الذي قضى على البلد ومكّن إيران امتلاك قاعدة صواريخ ومسيرات في شبه الجزيرة العربيّة.

لا يمكن أخيراً المرور، مرور الكرام، على ما شهدته وتشهده غزّة. خرج الاحتلال الإسرائيلي من كلّ القطاع قبل 20 عاماً. أصرّت «حماس»، بدعم إيراني على تكريس فوضى السلاح بدل اعتماد العقلانية ومواجهة المشروع الذي ينادي به اليمين الإسرائيلي. نفذت، بفضل السلاح الذي حملته، كلّ المطلوب منها إسرائيلياً. قضت على غزّة بعدما شنت هجوم «طوفان الأقصى».

في لبنان والعراق واليمن وغزّة، لم تأت لعنة السلاح المتفلت سوى بالكوارث.

من يصرّ على بقاء هذا السلاح لا يريد الخير لأي لبناني أو عراقي أو يمني أو فلسطيني في غزّة وخارج غزة... يريد فقط خدمة مشروع توسعي إيراني انتهى عملياً منذ انتقال الحرب إلى داخل «الجمهوريّة الإسلاميّة» حيث نظام يخوض معركة دفاع عن الذات بعدما ارتدت عليه لعبة نشر السلاح المتفلت وتشجيع قيام ميليشيات مذهبية في هذه الدولة العربيّة أو تلك!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد