: آخر تحديث

العطلة الصيفية... فرصة للأبناء

5
6
4

عبدالعزيز الكندري

بدأت العطلة الصيفية وهي من أكثر الفترات التي ينتظرها الأبناء بصبر كبير، لأنها تمثل لهم مساحة من الراحة بعد عام دراسي طويل مليء بالواجبات والضغوطات، ومع أن هذه الفترة تمنحهم الفرصة للترفيه والاسترخاء، إلا أنها في الوقت ذاته تحمل مسؤولية كبيرة على عاتق الأهل في كيفية استثمار وقت أبنائهم بشكل مفيد ومتوازن.

وحيث توفر العطلة الصيفية فرصة ذهبية للأبناء لتجديد طاقتهم الذهنية والجسدية والروحية، لأنها تمنحهم الراحة من الجلوس المطول في الصفوف الدراسية، وتفتح المجال لاكتشاف مهارات جديدة وتوسيع دائرة معارفهم من خلال الأنشطة المختلفة والنوادي الصيفية، كما أن الابتعاد الموقت عن الدراسة يمكن أن يسهم في تقوية العلاقات الأسرية والاجتماعية، ويزيد من التوازن النفسي لدى الطفل.

إن ترك الطفل دون توجيه في العطلة قد يؤدي إلى إدمان الأجهزة الإلكترونية أو الانخراط في أنشطة غير مفيدة أو حتى سلوكيات غير سليمة. لذلك من الضروري أن يكون للأهل دور فاعل في تنظيم وقت الأبناء خلال العطلة، ولعل كثرة الجلوس أمام الأجهزة تؤدي إلى مشاكل كثيرة لدى الأبناء مثل بطء التطور الاجتماعي والعاطفي، وتراجع المهارات الاجتماعية، واضطرابات النوم مثل الأرق، وزيادة السمنة بسبب قلة النشاط وقضائهم وقتاً طويلاً أمام الشاشات الإلكترونية دون حركة أو أي مجهود بدني، والتأثير السلبي على قوة الذاكرة والقدرة على التركيز، وتأثر العلاقات داخل الأسرة، وحصول فجوة بين أفرادها لانشغالهم بأجهزتهم الإلكترونية، وزيادة العدوانية والعنف عند الأطفال بسبب التأثر بالألعاب الإلكترونية، وبطء التطور المعرفي وقصور الانتباه وحتى ضعف السمع، أو تأخر النطق، وزيادة الانفعالات ونوبات الغضب.

لذلك، لابد من تنظيم جدول يومي وتحديد وقت للراحة، ووقت للقراءة أو التعلم، ووقت للأنشطة الترفيهية، والمشاركة في الأنشطة والنوادي الرياضية، والدورات التدريبية، التي تساعد في تنمية المهارات الشخصية والاجتماعية، والرحلات العائلية حيث قضاء أوقات مع الأسرة في السفر أو الزيارات العائلية يعزز الترابط الأسري ويخلق ذكريات جميلة.

وللعلم، فإن ليس الهدف من العطلة هو ملء وقت الطفل بالأنشطة فقط، بل يجب الحفاظ على توازن بين الراحة والترفيه والتعلم. فالإفراط في أي جانب قد يؤثر سلباً على الطفل. كما يجب احترام رغبة الطفل في بعض الأوقات بالاسترخاء أو اللعب الحر دون قيود.

وفي حالة تقصير أحد الوالدين بمهامه فإن ذلك سيترتب عليه آثار على الأبناء والتفكك الأسري وغياب القيم وروح التسامح، خصوصاً في عصر التكنولوجيا، وما نشاهده في هذه الأيام من مشاكل على الأبناء من ظهور بعض الصور والمشاهد نتيجة طبيعية لفقدان العاطفة والحوار الفعال الجاد من الآباء تجاه الأبناء، وعدم معرفة متطلباتهم واحتياجاتهم المختلفة، ما يجعل الابن يبحث عن إشباع هذه العاطفة في الخارج، وهنا تكمن المشكلة والخطورة.

وإذا لم تكن هناك خطة مكتوبة فلن تكون هناك نتائج، اكتب ما تريد في مختلف مجالات حياتك، والتسويف هو العدو الأول للإنسان، لدرجة أن هناك كتباً خاصة ترشدك للتخلص من هذه الآفة، ومثال على التسويف يقول الشاب عندما أكبر، وبعد أن يكبر يقول عندما أتزوج، وبعد الزواج ينتظر الأبناء، وما هي إلا سنوات ويخرج للتقاعد ويتحسّر على الأيام التي لم يفعل ما كان يفكر فيه، فهل تحب أن تكون مثل هؤلاء الأشخاص، أم أنك ستخطط لحياتك وتستمتع بها أكثر؟

ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، و حياتك قبل موتك». ويذكر ابن القيم رحمه الله مقولة جميلة حيث يقول: «السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها... فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرة شجرته حنظل، وإنما يكون الجذاذ (الحصاد) يوم المعاد، فعندئذ يتبين حلو الثمار من مرها».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد