: آخر تحديث

الخيانات والاختراقات!

3
2
3

خالد بن حمد المالك

بعيداً عن الانتصار والهزيمة، وعن من كسب هذه الجولة من الحرب بين إسرائيل وإيران، وما أسفرت عنه من خسائر في الجانبين، وما مثلته العملية الاستباقية الإسرائيلية الغادرة في ضرب إيران، وقتل أعداد من قادة جيشها وعلمائها في المجال النووي، بعيداً عن كل هذا، فإن الخسارة الأكبر التي تعرضت لها إيران هي انتشار الجواسيس الإسرائيليين في كل المواقع المهمة في إيران.

* *

هذا الاختراق الذي حدث بغفلة من الاستخبارات الإيرانية مكّن إسرائيل من إحداث الفارق في هذه الحرب، ولولا أن إيران تملك من القوة والقدرات العسكرية لكانت أضرارها أكثر، ولما استطاعت أن تعرض إسرائيل إلى خسائر لم تتعرض لمثلها في جميع حروبها السابقة مع العرب وإيران على حد سواء.

* *

كانت هناك خيانات، وعملاء لإسرائيل يتواجدون في إيران للتحضير للهجوم الاستباقي الغادر الذي قامت به إسرائيل، بينما كانت الجولة السادسة من المباحثات الأمريكية الإيرانية قد حُدد زمانها ومكانها، والأسوأ أن أمريكا أعلنت عن علمها بالضربة الإسرائيلية قبل قيام إسرائيل بها، وهو ما يشير إلى التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل في تنفيذ هذا الهجوم المفاجئ.

* *

لقد انتشر عملاء إسرائيل في طول البلاد الفارسية وعرضها، بعضهم من الداخل، وآخرون من الخارج، تسلل من قدموا من الخارج بأسلحتهم بما يشير إلى تعاون من الداخل، واستخدم هذا السلاح المهرب في إسناد الضربة الاستباقية، وفي التعرف على مواقع أماكن قادة الجيش، وعلماء النووي، وبعض السياسيين، فكيف حدث هذا الاختراق، ومن المسؤول عنه؟

* *

خلال الحرب استفادت إسرائيل من وجود كوماندوز على الأرض فتحركت في نشاط عسكري بري ساهم في الأضرار التي لحقت بإيران، ولم ينتبه الإيرانيون إلى هذه الكثافة من العناصر الاستخباراتية لإسرائيل، والعملاء من الجواسيس إلا بعد بداية الحرب، وتم التعرف على بعضهم، وإلقاء القبض عليهم، وإعدام بعضهم، ولكن بعد خراب البلاد.

* *

إسرائيل تكسب حروبها باعتمادها على الطيران، وعلى الجواسيس والخيانات والاختراقات، وعلى المبادرة بالضربة الأولى في أي حرب، وهذا ما حدث في الحرب الإيرانية الإسرائيلية، فقد كانت الضربة الأولى لها، والجواسيس والعملاء ضمن استعداداتها، وطائراتها كانت الأجواء مهيأة لتضرب كما تشاء دون وجود دفاعات أرضية في إيران لتحييدها وإسقاط ولو بعضها، ما جعل الحرب تسير على نحو ما انتهت عليه.

* *

الرئيس الإيراني يتحدث عن انتصار بلاده، ويوجه التهنئة للشعب على هذا الانتصار العظيم بحسب وصفه، ورئيس الوزراء الإسرائيلي لا يتحدث إلا عن هزيمة ألحقها جيشه بإيران، فيما يقول الرئيس الأمريكي بأن البلدين أُنهكا في هذه الحرب، وأن عليهما أن يبدآ مرحلة من السلام الدائم والتعاون المستمر من الآن.

* *

هناك فصول كثيرة في الحرب الإيرانية الإسرائيلية لم نألفها في حروب أخرى، وبينها أن وقف الحرب لم يكن مكتوباً وقبلت به الدولتان، وأن قراراً أمريكياً ارتضته كل من طهران وتل أبيب، وأعلن من واشنطن، وأن إيران أحاطت أمريكا علماً بضربتها للقاعدة الأمريكية في قطر قبل ساعات من وقوعها، مما جعل واشنطن تحرك طائراتها وعناصرها بعيداً عن الخطر، وقد وصف الرئيس الأمريكي التصرف الإيراني بأنه تصرف لطيف، وشكرهم على ذلك، وحين أصر رئيس وزراء إسرائيل على توجيه آخر ضربة لإيران قبل الموعد المحدد لوقف إطلاق النار أمره الرئيس الأمريكي بأن تكون ودية، وقرار إنهاء القتال يقضي بإعطاء إسرائيل 12 ساعة بعد توقف إيران عن القتال لتمارس عدوانها.

* *

وهناك جدل واسع، بين من يرى أن المفاعل النووي قُضي عليه، ومن يرى غير ذلك، وأن الأضرار التي لحقت به تؤخره، دون أن تقضي عليه تماماً، ما يجعل من مسرحية هذا القتال مفتوحة لفصل جديد، ربما يكون مختلفاً، بعد أن تُلتقط الأنفاس، وتُكشف الحقائق، ويظهر المختفي من النتائج المغيبة عن حقيقة ما حدث.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد