: آخر تحديث

السيولة هي عمق السوق المالية الحقيقي

3
2
3

محمد سليمان العنقري

تطوير أنظمة سوق المال أمر في غاية الأهمية ليكون لاعباً مهماً في الاستثمار والتمويل لدعم نمو الاقتصاد الوطني، وقد نجحت المملكة بتطبيق أفضل الأنظمة والمعايير خلال العشرة أعوام الأخيرة مما زاد من جاذبية السوق للإدراجات بمختلف القطاعات وتضاعف عدد الشركات المدرجة خلال عشرين عاماً بحدود أربعة أضعاف، وذلك منذ بداية عمل هيئة السوق المالية، وأصبح سوق الأسهم السعودي من بين أكبر عشرة أسواق عالمياً من حيث القيمة بعد إدراج سهم أرامكو عملاق النفط والطاقة عالمياً، بل وبات مكاناً جاذباً للإدراجات المزدوجة؛ أي شركات أجنبية تدرج جزءاً من أسهمها فيه وقد نشهد زيادة بهذا التوجه بالسنوات القليلة القادمة؛ أي أن السوق السعودي سيصبح سوقا عالميا بامتياز.

لكن في هذه الأيام نشهد تقلبات واسعة بحجم السيولة المتداولة اليومية بالسوق المالي والتي استقرت في الأسبوع الماضي بأغلب الأيام حول أربعة مليارات ريال بينما كانت تشهد بعض الأيام بالأسابيع السابقة سيولة دون هذا الرقم بكثير، أي حوالي ثلاثة مليارات ريال خصوصاً يوم الأحد الذي لا ينشط فيه المتداول الأجنبي من الخارج بحكم أنهم في عطلة اسبوعية، كما شهدت بعض الأيام تداولات تجاوزت سبعة مليارات ريال، فهذه التباينات بحجم السيولة تتطلب تحركاً ضرورياً لمعرفة أسبابها ومعالجتها فالمعروف أن عمق السوق هو السيولة فيه وليس عدد الشركات أو القطاعات أو حجم الأسهم الحرة، ولذلك من المهم أن يتم التركيز على زيادة هذا العمق، خصوصاً أنه من الملامح الإيجابية أن الاكتتابات الجديدة تغطى مباشرةً وبعدة مرات سواء ما يخص بناء سجل الأوامر أو الأفراد أي أن السيولة موجودة لكن لابد من العمل على جذبها للسوق، وذلك من خلال إعادة النظر في حجم الاكتتابات وجدولتها من جديد وتفعيل أكبر لدور «سوق خارج المقصورة» حتى تتوجه السيولة للسوق الرئيسي والشركات الموجودة فيه بنسب أكبر سواء من الصناديق أو الشركات أو الأفراد، إضافة لتفعيل دور أدوات التداول الأخرى من مشتقات مالية وغيرها ليكون لها تأثير أوضح بالسوق.

أحد أهم عوامل جاذبية الأسواق زيادة حجم السيولة بالسوق الثانوية وليس الأولية فقط حتى لا يبقى دور أغلب السيولة مركز على الاكتتابات وتحقيق مكاسب سريعة عند بداية تداولها ومن ثم انتظار الاكتتابات الأخرى، بينما يوجد في السوق فرص كبيرة جداً قد تفوق أهميتها الادراجات الجديدة؛ فالأصل ان يكون عمق السيولة بالسوق الثانوية وهو ما سيزيد من جاذبية الاستثمار المحلي والأجنبي بشكل كبير، خصوصا أن مكررات وقيم الشركات بالسوق السعودي من الأقل عالمياً والاقتصاد الوطني ينمو بمعدلات جيدة في القطاع غير النفطي، والمتوقع أن يستمر هذا الزخم لسنوات طويلة تزامناً مع برامج الرؤية والمشاريع العملاقة بمختلف القطاعات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد