: آخر تحديث

النفس والأزمـات ما بين الأغلال والغلال!

2
2
2

عبده الأسمري

الحياة جملة من الصراعات ومحاولة حلها.. تبدأ تفاصليها منذ «صرخة الميلاد» وحتى «شهقة الرحيل» في عناوين «عيش» وتفاصيل «تعايش» ينطلق معها «الإنسان» في محطات عمرية مختلفة تتراوح أبعادها ما بين النشأة والتربية والتوجيه والخبرات وصولاً إلى الانتهال من «عمق» التجارب والاغتراف من «معين» المشارب التي تربط الأهداف بثلاثية الزمن ما بين الماضي والحاضر والمستقبل.

لا تخلو «الحياة» من وجود «العوائق» ونشوء «العراقيل» وتعاقب «الظروف» مما يؤصل «فجائية» الأحداث في «دروب» العمر الأمر الذي يكبل «الإنسان» بأغلال من «الحيرة» تجعله ما بين مد «المشكلات» وجزر «الحلول» وسط صراع «حتمي» يملأ النفس بمخزون «مكثف» من المتاعب ترتفع مستوياته بتزايد «الضغوط» مما يحتم تفريغ هذا «الكبت» عبر «شحنات» تسهم في ملء «الداخل» ببشائر «الفرج» وتباشير «اليسر».

يسيطر «الضعف الإنساني» الفطري على الإنسان في منعطفات من حياته ويظل في مساحة من «الاحتياج» لذلك «الاجتياح» الذي يواجهه في محطات عمر مختلفة عندما يتفاجأ بظرف أو يصطدم بضائقة أو يواجه بابتلاء وحينها عليه أن يلجأ إلى «القوة الذاتية» الكامنة في أعماقه وأن يجند فكره ويحشد طاقاته لمواجهة هذه المتغيرات الطارئة من أجل توظيف الإدارة النفسية والإرادة السلوكية في وضع الحلول الكفيلة بالخروج من «عنق» المشكلة والصعود من «عمق» الأزمة إلى حيز «التكيف» ثم «التخطيط» وصولاً إلى صناعة الحل وإن تعذر الأمر عليه أن يلجأ إلى «اتجاهات المساعدة» المتاحة في المحيط البشري وفق خطة أخرى تضمن له الاستعانة بالاستشارة الكفيلة بتوفير «المواساة» وتوظيف «الرأي» وتسخير «الحرص» في مستويات كافية من «العون». على الإنسان أن يعي أهمية الاستعداد وتوفير مسارات مثلى من «المناعة النفسية» في داخله وأن ينمى من «مخزونها» عبر الأزمنة وأن يعي أهمية «الصبر» كركن رئيس لمواجهة الأزمات وأن يوفر «التدريب الذاتي» للحصول على هذه «القيمة الدينية» العظيمة التي تصنع له «الاكتفاء النفسي» في مواجهة الظروف مع ضرورة رفع مستوى «الإرادة الذاتية» داخل النفس منعاً لتوارد هجمات «الإحباط» المحتملة التي تجند جيوشها للتربص بالإنسان مع كل بلاء أو ظرف أو أزمة. هنالك فرق شاسع للتحمل وتباين كبير في الحل ما بين الأنفس البشرية التي تحكمها أسس «الفروق الفردية» بين البشر ونوع «الخبرات المؤلمة» التي تواجه كل شخصية إضافة إلى تأثير البيئة والتربية والتوجيه ومستوى التعليم وطبيعة العيش ونوع الظرف وقوة النفس التي تتحد مجتمعة في فرض مستوى «الأزمة» الحياتية ومدى تأثيرها على الإنسان وكيفية الوصول إلى حلول سريعة تضمن تخفيف وطأة «الصدمة» ثم مواجهتها بثبات والبعد عن الوقوع في مصائد «اليأس والقنوط والإحباط». من المهم جداً أن يقوي الإنسان من مناعته النفسية وأن يعزز من قوته الذاتية حتى في أوقات «السراء» ووسط مستويات «الحياة الهادئة المطمئنة» الخالية من الصدمات لصناعة مستوى كاف من «الاستعداد» الاستباقي لمواجهة أي أزمة محتملة فالظروف لا تستثني أحداً وقد تأتي في رداء من «الفجائية» الموجعة أو موجة من «الصدمة» السريعة لذا فإن تعزيز وتحفيز النفس أداتان ضروريتان لتشكيل «قوة دفاعية» جاهزة لمواجهة أي حدث قادم أو موجة ظرف جديدة مخبأة في «طيات» الغيب.

على الإنسان الحصيف أن يعي تماماً أن الإحباط والضعف والاستسلام «أغلال» تحيط بالنفس حتى تكبلها وتزيد الآلام وترسخ المواجع وتؤكد «الانهزام» ولكن القدرات النفسية والقوى الداخلية في البشر قادرة على تجاوز «الأزمات» وحصد الكثير من «غلال» الصبر والمصابرة والمثابرة وتقوية اليقين ودعم الذات والتكيف مع الظروف القادمة والتأقلم مع الأحداث الجديدة والاستفادة من التجربة والتحول إلى «شخصية» واعية ناضحة تمنح «عطايا» النصح للمتألمين وتهدي «هدايا» العون للموجوعين وتسهم في صناعة «الحلول» القادمة ومواجهة «الأزمات» المتجددة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد