علي الخزيم
* أثناء سَيري راجلًا بإطار رياضة المَشي، اعترضني بطريقة فَجَّة إنسان بَدَا لي أنه عربي (لَمْ أقل رجلًا لأن الرجال لا يفعلون فعله) وبما يُشبه المداهمة وافتعال حركة تجبرني على النطق، فلربما أنه بسبب وضعي للكمَّامة والزي الرياضي لم يستوثق من هُويَّتي، ولأنه وأمثاله يحترفون التسول والسرقة والتحايل للابتزاز، فهذه برأيي من مهاراتهم لاستنطاق الهدف (الضحية) ومعرفة مدى ردة فعله وقَدر وعيه بألاعيبهم، التَفَتُّ إليه بنظرة استغراب! فقال: سلام، فأشرت إليه بالرد، وكان بيده كأس ورقية بشعار مقهى فقد يكون محتواها من أسلحتهم الغامضة! ويرتدي قميصًا يحمل شعار إحدى شركات إنتاج الألبان، فأردف قائلًا: هل لديك قميص تُعيرني إياه، فأنا من المفترض أن أشارك بمؤتمر قرب (الجنادرية) والوقت لا يُسعفني للذهاب لمنزلي الآن، فهل تَهبني واحدًا من عندك؟
* لم أُخَمِّن مقصده المُريب، أراد أن يتبعني لمنزلي لأعطيه قميصًا؛ تخيَّل: عامل بشركة ألبان (وأشك بمصداقيته) لا ينقصه عن المشاركة بالمؤتمر سوى القميص! وما عساه أن يكون دوره بالاجتماع المزعوم؟! أم هو لغز ورمز ضمن ألاعيبهم وأنشطتهم لم أفهم إيماءته؟ تصرفاته وحركاته وهيئته مُريبة؛ لدرجة جعلتني أشك بأنه يعمل بأي جهة كانت ما عدا نشاطات مشبوهة يمارسها وأمثاله.
* سبق أن كتبت مُحذرًا من حِيَل ومَكر مثل أولئك المتسللين ومخالفي أنظمة الإقامة والعمل، وزُمرة من الأفاقين مِمَّن يَفِدُون بتأشيرات زيارة، فمنهم من يَقتَنِي قمصانًا تحمل شعارات لبعض الشركات والمستشفيات الأهلية وغيرها ثم يمارسون التّسول والنصب والابتزاز، يَدَّعون كذبًا أنهم بأمس الحاجة للمساعدة؛ ومع كل فرد مُستهدف (ضحية) لهم قصة وحكاية، تتنوع حيلهم وأكاذيبهم، شربوا الوقاحة ولبسوا المَهَانة، وتركوا الحياء والمروءة خلفهم فهي لا تعنيهم وليست بقواميسهم.
* كذلك: سَبق أن رأيت أعدادًا منهم عند المسجد والسوق المركزي ومحل الخضار والفواكه، كلٌ يَحكِي قصة مُزوّرة منسوجة باهتة؛ تفاصيلها مُهَلهَلة تُنبِئ عن أنفس دنيئة جشعة نُزِع منها كل مؤشر للرجولة وحُسن الخُلق، يُطلق أحدهم عشرات الأيمان المُغلظة أن أطفاله يتضورون جوعًا ولا يملكون ما يكفي لوجبة بسيطة.
* حصل أن طلبت من بعضهم إبراز أي بطاقة أو مُستند يُثبت أنه يعمل بالمنشأة أو الشركة التي يرتدي زيها وشعارها؟ لكنهم جاهزون بالأعذار والمراوغة وكأنهم قد حفظوا الأجوبة وتمرنوا عليها، ثم إن نظراتهم ولُغة الجسد والعيون تؤكد كذبهم، ومع ذلك يُلاحَظ أنهم مع ادعاء الفقر والفاقة إلا أنهم بصحة جيدة وأجسام لا ينقصها النشاط والحيوية، لأنهم طفيليات تقتات وتَشبَع وتتمتع بالمجان، وهم بحالة دائمة من ممارسة رياضة المشي بين المواقع التي يرسمون خططهم لارتيادها لامتهان التسوّل والسرقات والنصب والاحتيال.
* ولا يُستبعد أن خلفهم مُمَارسات خطرة بما يتعلق بالمُحَرَّمات والممنوعات، ونشر الرذيلة وإفساد الأخلاق بسبيل جَني الأموال بكل وسيلة مُمكنة غير عابئين بأثر أعمالهم الخبيثة على المجتمع، فهذه القِيَم والاعتبارات خارج حساباتهم وتفكيرهم الدوني سواء هنا أو ببلادهم لأنهم مِمَّن يؤذون مجتمعاتهم قبل الآخرين، لا يُراعُون أي وشيجة ولا تعنيهم أي فضيلة، هم حُثالات تَجَرَّدت من النَّوامِيس (يتسَوَّلون ويسرقون نهارًا، ويسهرون عابثين ليلًا)! فَمَن يجتثهم؟