ميسون الدخيل
بمناسبة اندلاع الحرائق في «إسرائيل» اكتشفنا أنها ــ على ما يبدو ــ تمتلك ما يكفي من الطائرات للقتل والإبادة، بينما لا تمتلك طائرات إطفاء! قرأتُ تغريدة لـ«أورسولا فون دار لاين» (رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي) قالت فيها: «نحن ندعم مكافحة الحرائق في إسرائيل. لقد قمنا بتفعيل الآليات الأوروبية للحماية المدنية. طائرات رجال الإطفاء من اليونان وقبرص وكرواتيا وإيطاليا في طريقها للمساعدة في مكافحة الحريق. هذا هو تضامن الاتحاد الأوروبي وهو يعمل». بينما تقتل «إسرائيل» الفلسطينيين وتجوّع الأطفال في غزة، وبينما تنام العائلات بلا طعام أو ماء، تستعرض السيدة بفخر التضامن الغربي للمساعدة في مكافحة حرائق الأشجار! هذه ليست إنسانية... إنه نفاق! أعتذر جدًا ممن يدعون الحضارة! لقد ظننتم أنه كان علينا أن نتظاهر بالتأثر عندما اندلعت النيران في غابات «إسرائيل» متسببة بهروب وهلع المستوطنين! حقًا ماذا يتوقع هؤلاء منا؛ أن نبقى هادئين تمامًا، ربما يريدوننا أن نطالب الفلسطينيين أن يتدحرجوا إلى قبورهم ويموتوا بصمت لأن هناك من بات منزعجًا من كثرة سماع صراخهم وهم يبكون موتاهم! على مدى عامين من القصف؛ أطفال يحرقون أحياء، كبار السن تطلق عليهم الكلاب لتنهش أجسادهم الضعيفة، عمارات ومنازل وشقق تدمر تمامًا بسكانها، نسل أسر بأكملها يفجر ويختفي عن وجه الأرض بلحظة واحدة! والصهاينة وأذيالهم ينشرون صورًا كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وأخرى عنصرية ضد العرب والمسلمين بشكل لا يصدق، بل وينشرون وجوهًا صغيرة مبتسمة وأخرى ضاحكة كردود على صور ومقاطع لأطفال يلتقطون أشلاء أشقائهم، وتتوقعون منا الآن أن نظهر التعاطف! أتعلمون ماذا، اذهبوا واشربوا البحر. الشيء الوحيد الذي نتأسف عليه الآن هو أن الحرائق لم تلتهم كل تلك المدن التي بنيت على أراضٍ مسروقة ومقابر جماعية. وعلى سيرة المقابر الجماعية؛ هناك الكثير من المعلومات المضللة حول الغابات التي احترقت، فكل الغابات المزروعة في الأرض المسلوبة زُرعت فوق أكثر من 500 قرية فلسطينية دمرت في عام 1948 أثناء النكبة لمنع عودة السكان وللتغطية على المقابر الجماعية التي خلفت وراءها، ناهيك عن إبادة مجموعات كثيرة من الماعز الأسود التي كانت ترعى على الأراضي الفلسطينية، لقد قتلوا الماعز لحرمان رعاة الماعز من لقمة العيش، بينما يستمرون في سرقة أغنامهم وحرق أشجار الزيتون، وسرقة محاصيلهم. وقد زرعت هذه الغابات بجهود جمعية خيرية دولية؛ بمعنى أي تبرع معفى من الضرائب، تحت مسمى «الصندوق الوطني اليهودي» الذي يعمل في معظم البلدان الأوروبية وأمريكا وكندا وغيرها من الدول، وقد جمع هذا الصندوق الأموال اللازمة لزراعة هذه الغابات. أما اختيار نوعية الأشجار يكشفهم؛ نوع من أنواع أشجار الصنوبر التي يتم استيرادها إلى المنطقة، وعادة لا تنمو في المنطقة طبيعيًا نظرًا لجغرافية المكان، والسبب في اختيارها أنها سريعة النمو ودائمة الخضرة، لذا فهي تغطي بسرعة على جرائم الحرب كما توفر غطاءً على مدار العام. ومع ذلك، فإن هذه الأشجار سريعة الاشتعال فهي لا تتناسب مع الظروف الجافة جدًا خلال فصل الصيف؛ فأي حادث بسيط يمكن أن يشعل النار في الغابة بأكملها. إن أشجار النخيل والحمضيات والجوز والكرز والزيتون، أشجار منتجة، لذا وضع بدلًا منها نوع من أشجار الصنوبر (الذي يعتبر شرسًا) وبهذا حرموا الفلسطينيين من غذائهم اليومي ومن رزقهم! لكن أشجار الصنوبر هذه ستبدو مألوفة للمستوطنين غير الشرعيين وتساعدهم على الشعور بأنهم في وطنهم في أوروبا الشرقية من حيث أتى الكثير منهم (مساكين خافوا على نفسياتهم وهم في الأصل مرضى نفسيون كما تدل عليه أفعالهم واعتداءاتهم وتصريحاتهم)، ناهيك عن أن هذه الأنواع هي أشجار عدوانية للغاية تماما مثل أصحابها، أي أن إبر الصنوبر عندما تسقط على الأرض تجعل التربة حمضية وغير صالحة لزراعة أنواع أخرى من المنتجات الزراعية. كل حدث على الأرض المقدسة، يظهر للعالم ما كان يخفى عليهم من شرور وهمجية تلك الشرذمة! نحن أمة لا تشمت ولكن تفرح عندما يفضح الله الأعداء ويظهر سوأتهم للعالم. نعم احترقت الغابات التي صرفت عليها الملايين من أجل التغطية على جرائمهم ومن أجل منع أهل الأرض من العودة، ولكن برفة عين... احترقت! حاولوا أن يرموا التهم على الفلسطينيين بأنهم من أشعلها، بل صوروا مقعدًا داخل سيارة مواطن فلسطيني، عليه منديل من الورق وقداحة وقطعة من القطن! كم سيارة يوجد بها مثل هذه الأشياء؟! حركة مبتذلة وحقيرة وبالطبع صدق السردية القطيع! بينما نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية خبرًا بأن من أشعل النيران هم المستوطنون الذين أرادوا أن تشتعل أراضٍ زراعية للفلسطينيين فانتقلت بسرعة وأحرقت شجرهم! إذا كان على شرذمة مشتتة من حول العالم أن تقوم بالقتل لإنشاء دولة، ولم تتوقف عن القتل بل وتعتبر أنه عليها أن تستمر في التزوير والتشويه والقتل والتهجير والإبادة حتى تضمن بقاء دولتها، ماذا يخبرنا كل ذلك عنهم؟! وبعد كل هذا يأتي من يستغرب عدم اهتمامنا بل على العكس فرحتنا بما حدث؟! لماذا يستغربون من سعادتنا؟ حتى ذلك، يريدون سلبنا إياه!أشعلوا النيران فأحرقتهم
مواضيع ذات صلة