استشعارا من الحكومة بالخطر الداهم الذي أصبحت المخدرات، بعشرات أنواعها، تمثله، خاصة على الشباب، وبعد تزايد افلات المتهمين بقضايا المخدرات، من الإدانة، نتيجة أخطاء اجرائية، أو ثغرات في القانون الحالي، مما ساهم في زيادة هذه الجرائم، فقد قرر وزير الداخلية، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، الشيخ فهد اليوسف، تشكيل لجنة برئاسة المستشار محمد الدعيج لوضع مسودة قانون يعالج مختلف نواحي القصور في القوانين الحالية، ومواكبة التطور السريع في أسلوب ارتكاب هذه الجرائم، ومعالجة الثغرات الإجرائية، بغية القضاء على هذه الظاهرة أو الحد من انتشارها.
أنهت اللجنة مشروعها، وكان من أبرز التعديلات إنشاء مجلس أعلى لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، الذي عليه رفع تقرير سنوي لسمو أمير البلاد وإحاطته بالمستجدات المتصلة بعمل اللجنة. والتوسع في أحكام الإعدام للمتاجرين بالمخدرات والمؤثرات العقلية وفرض غرامات مليونية عليهم. مع فرض الكشف عن المخدرات والمؤثرات العقلية للمقبلين على الزواج وطالبي رخص القيادة ورخص السلاح وللمتقدمين للوظائف العامة، مع الفحص العشوائي لكل العسكريين، أيا كانت رتبهم في «الداخلية»، و«الدفاع» والحرس الوطني وقوة الاطفاء، وكشف المتعاطين، واتخاذ نفس الإجراء مع طلبة المدارس والمعاهد والجامعات، وتطبيق الحبس لأربع سنوات لمن يرفض الفحص، من دون مبرر، مع تشديد العقوبات في حالة التعاطي داخل السجون او المدارس او الاندية الصحية. مع سجن أي طبيب يصرف مؤثرات عقلية من دون مبرر طبي. وتغريم الصيدليات 100 الف دينار إن أهملت في التعامل مع المؤثرات العقلية، ويجوز غلق الصيدلية المخالفة لعدة سنوات.
***
خيرا فعل وزير الداخلية، النائب الأول، بتشكيل هذه اللجنة، وما خرجت به من توصيات بأحكام مشددة لمحاربة هذه الآفة الآخذة في الانتشار، ولكن يتطلب الأمر الانتباه للأمور التالية:
1. ضرورة إشراك وزارتي التربية والإعلام والمنابر الدينية في التوعية المجتمعية، والتحذير من خطر المخدرات.
2. تضمين المناهج الدراسية تحذيرات صريحة ومبطنة عن خطر المخدرات.
3. تعيين جهات لمراقبة سلوك الشباب، ومعالجة مشاكلهم النفسية. والتفكير جديا في رفع الحظر على استهلاك المواد الممنوعة الأخرى.
4. التوسع في استخدام وسائل التواصل، بصورة محترفة ومستمرة في التحذير من الخطر الكارثي للمخدرات.
5. الاهتمام بمعالجة مقترفي الجرائم الصغيرة، فهم، غالبا مجرمو المستقبل، كما ثبت علميا.
6. منع المحامين من الإعلان، بأية وسيلة كانت، عن نجاحهم في الحصول على براءة موكليهم، خاصة في قضايا المخدرات، وفي أحكام أول درجة بالذات!
7. الحرص على قيام رجال الأمن بمهامهم من دون تعسف، أثناء تعاملهم مع المشتبه بهم، المواءمة بين المصلحة العامة وحقوق الإنسان، لذا من الضروري تأهيل الشرطة وتدريبهم على العلوم الشرطية وقانون الاجراءات، خاصة إن كانت مكافأة الضبطيات عالية جدا.
***
تدخل المخدرات للدولة بمختلف الطرق، وبخلاف القوى الأمنية، فإن الجهة المدنية الوحيدة المنوط بها أمر مكافحة وصولها للداخل هي «إدارة الجمارك»، فدورها شديد الأهمية والخطورة، ومع هذا لم تحظ إدارتها بكفاءات مميزة في السنوات الأخيرة. لذا سعدنا لقيام وزير الداخلية باختيار اللواء (م) «فهد علي الرشيد»، مديرا عاما لهذه الجهة البالغة الأهمية، لما عرف عنه من صفات حميدة والأمانة والحزم.
أحمد الصراف