: آخر تحديث

ابحثوا في جميرا عن «مزنة»

9
7
6

علي عبيد الهاملي

هل سمعتم عن «مزنة»؟

كان هذا هو السؤال الذي طرحه المهندس مساعد الحمادي مدير إدارة الاستراتيجية وحوكمة التقنيات لقطاع خدمات الدعم التقني المؤسسي في هيئة الطرق والمواصلات بدبي، خلال المجلس الرمضاني الخامس عشر لنادي الإمارات العلمي، الذي نظمه النادي تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي.. إلى أين؟»، في ندوة الثقافة والعلوم بدبي الأسبوع الماضي.

المهندس الحمادي طلب من الحضور البحث عن «مزنة» في شارع جميرا، فتوقعت أن يكون اسماً لمحل تجاري أو عيادة تجميل أو مطعم في هذا الشارع الحيوي بدبي، لكنني استبعدت هذا الاحتمال، إذ ما علاقة ذلك بجلسة تتحدث عن مستقبل الذكاء الاصطناعي؟ ولأننا في جلسة هذا عنوانها، لجأت فوراً إلى «ChatGPT» أطلب منه المساعدة، فأتتني المعلومات قبل أن يستأنف المهندس كلامه.

تبين لي أن «مزنة»، هو اسم المركبة ذاتية القيادة، التي طورتها شركة «كروز» التابعة لشركة «جنرال موتورز» الأمريكية، لصالح هيئة الطرق والمواصلات بدبي، وأطلقت الهيئة التشغيل التجريبي لها في منطقة (جميرا 1) عام 2023 م، بهدف تقديم خدمات سيارات الأجرة والحجز الإلكتروني، وشهد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي، تجربة تشغيل أول رحلة لها.

يهدف المشرع إلى تعزيز ريادة دبي في مجال التنقل الذكي، وتحويل 25 % من إجمالي رحلات التنقل في الإمارة إلى رحلات ذاتية القيادة بحلول عام 2030 م، وفقاً لاستراتيجية دبي للتنقل الذكي ذاتي القيادة، وتحسين السلامة المرورية، حيث ستسهم المركبات ذاتية القيادة في تقليل الحوادث المرورية، وتوفير حلول تنقل مبتكرة، وتساعد في تقليل الازدحام المروري، وتوفير حلول تنقّل فعّالة مستدامة وآمنة.

عندما يتم تحويل كل المركبات، في وقت يقول الخبراء إنه قريب، فإنه ستُلغى رخص القيادة، التي يعتبر البعض الحصول عليها أصعب وأهم من شهادة الدكتوراه، كما ستُلغى مهنة سائقي السيارات، التي تشكل مصدر دخل لبعض البشر، وينقص عدد السيارات في الشوارع، حيث يمكن أن تعتمد كل أسرة على سيارة واحدة، أو سيارتين بحد أقصى، بحيث تقوم كل سيارة بتوصيل رب الأسرة إلى مقر عمله، ثم تعود فارغةً لأخذ بقية أفراد الأسرة وإيصالهم إلى الجهات التي يريدون الذهاب إليها، والعودة لإرجاعهم، وذلك بالتنسيق في ما بينهم، والذي ربما يتولى الذكاء الاصطناعي أيضاً القيام به نيابةً عنهم.

هذا ما استدعاه الحديث عن «مزنة» والتنقل الذكي فقط، أما ما قاله بقية المتحدثين في الجلسة، وهم نخبة من الخبراء الإماراتيين في مجالات الفضاء والطب والتعليم والمواصلات والملكية الفكرية، عن مستقبل الذكاء الاصطناعي خلال السنوات العشر المقبلة، وتوظيف هذا الذكاء في القطاعات الحيوية، مثل التطبيقات الصحية، والاستدامة البيئية، والتعليم الشخصي والذاتي، والسياحة الذاتية والرقمية، واستكشاف علوم الفضاء، وأتمتة التنقل والرقمنة، فهو شيء يفوق الخيال، ويجعلنا ننظر إلى ما في أيدينا من أجهزة إلكترونية اليوم، وكأنها مجرد أدوات من القرون السابقة.

هذا التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، يعتقد البعض أنه سيف ذو حدين، فهو يقدم للبشر فوائد عظيمة، إلا أن له تحديات ومخاطر محتملة، حيث يمكن أن يتحول إلى تهديد للبشرية، ففيما تتمثل فوائد هذا التقدم العلمي في تحسين جودة الحياة، وصحة البشر، وتسهيل حياتهم اليومية، وتعزيز الإنتاجية والاقتصاد، وتطور البحث العلمي، وحل المشكلات الكبرى، إلا أن التحديات التي تواجه البشر بسبب الذكاء الاصطناعي كثيرة وكبيرة، منها، على سبيل المثال، تهديد الوظائف، والبطالة التكنولوجية، والحد من الخصوصية الشخصية، واحتمال تطوير أسلحة ذاتية التشغيل، قادرة على اتخاذ قرارات القتل من دون تدخل بشري، ما قد يؤدي إلى حروب كارثية، واستخدام غير أخلاقي للذكاء الاصطناعي في الحروب والهجمات الإلكترونية.

وقد حذر بعض العلماء ورواد هذا المجال، مثل ستيفن هوكينغ وإيلون ماسك، من إمكانية تطور الذكاء الاصطناعي إلى درجة يتجاوز فيها سيطرة البشر، ما قد يجعله خطراً على البشرية، وقالوا إنه إذا أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً من البشر، فقد يتخذ قرارات لا تخدم البشرية.

دعونا من هذا الآن، وابحثوا في جميرا عن «مزنة»، فهي واحدة من الوجوه الجميلة للذكاء الاصطناعي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد