صدرت «العربي» عام 1958، وكنت من مقتنيها منذ اليوم الأول، وكان الصديق سليم زبال، توفى عام 2018، من أشهر محرريها. وشارك في تحرير العربي أبرز الأدباء والشعراء والعلماء والمفكرين العرب كطه حسين، والعقاد، ونجيب محفوظ، ونزار قباني، وجابر عصفور!
من سخرية القدر أن مشاكل صدور وتوزيع مختلف منشورات ومطبوعات الكويت الثقافية، وتوقف صدور بعضها، لأسباب إدارية ومالية بحتة، جاء بالتزامن مع قبول وترحيب الكويت لأن تكون «عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025»، ولم يكن ليحدث ذلك لولا التاريخ الطويل للكويت، ومسيرتها الرائدة في عالم العطاء الفني والثقافي لعقود طويلة، وبالتالي كان من المفترض أن يكون اختياراً نستحقه، لكن كل الفخر بالمناسبة ورمزيتها الجميلة اختفى مع انتشار خبر المصاعب التي تواجهها مطبوعاتها من ضيق ومسرحها من تعتيم وغناؤها من خفوت.
سبق أن ورد في تحقيق صحافي نشرته جريدة «الجريدة»، قبل بضعة أشهر، بأن جميع المطبوعات الثقافية الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بما فيها كتاب عالم المعرفة ومجلة العربي، لم يتم توزيعها منذ فترة، داخل الكويت أو خارجها، وغالباً لا يزال الوضع كما هو عليه تقريباً. وبينت «الجريدة»، أن ذلك جاء بسبب انتهاء عقد الشحن والتوزيع مع إحدى الشركات. وأكدت المصادر أن المجلس الوطني، ولأسباب غير معروفة، لم يقرر، في حينه، وربما حتى الآن، تجديد أو تمديد عقد الشحن والتوزيع، أو البحث عن أي مخرج سريع ودائم لهذه المشكلة قبل نهاية الشهر الجاري، خصوصاً أن بعض تلك المطبوعات تصدر شهرياً، مما يهدد بتراكمها وزيادة مرتجعاتها إذا وزعت آخر الشهر. تم حل المشكلة مؤقتاً بتوقيع عقد مع شركة توزيع لبضعة أشهر، فتحركت الأمور لغاية عدد سبتمبر 2024 ليتوقف بعدها التوزيع، لأسباب مالية، وأيضاً إدارية، ولتعود إصدارات مرموقة إما للتراكم وإما للتوقف عن الصدور، كسلسلة «من المسرح العالمي»، وسلسلة إبداعات عالمية، ومجلة عالم الفكر، ومجلة الثقافة العالمية، ومجلة العربي، والعربي الصغير، وربما غيرها.
* * *
عندما كنا نعمل صغاراً، كنا نطبق، في ألعابنا، قاعدة «كيف الباطول». أي أنه من حق أي طرف التوقف عن اللعب، متى شاء ذلك، ولا حق للطرف الآخر بالاعتراض. فإن كانت مباراة كرة قدم مثلاً وفاز أحد الفريقين بهدف في أول دقائق المباراة، فمن حقه وقف المباراة، والخروج فائزاً!
وعليه نقترح على المجلس الوطني للثقافة والفنون، أو ربما من وزير الإعلام، تطبيق قاعدة «كيف الباطول» وإعلام الجهة التي اختارت الكويت عاصمة للثقافة، أنها تنوي تطبيق تلك القاعدة، والتخلي عن اللقب، مع وصول الأوضاع «الثقافية والفكرية» فيها لمستوى غير مقبول.
أحمد الصراف