خالد بن حمد المالك
تتحدث إسرائيل -ولأول مرة- عن قلقها من امتلاك مصر لوسائل قتالية متطورة، وهي حركة استفزازية من العدو الإسرائيلي، لا يمكن تفسيرها وتبريرها إلا أنها رد فعل على رفض مصر لتهجير الغزاويين من قطاع غزة إلى مصر، مع أن إسرائيل تعرف أنه لا يوجد أي مستجدات في الجيش المصري يجعل إسرائيل في قلق بادّعاء أنه أصبح لديها جيش يملك وسائل قتالية متطورة، تهدد أمن واستقرار إسرائيل.
* *
هذا النهج الإسرائيلي في افتعال قضايا لا وجود لها إلا في مخيلة القادة الإسرائيليين، ضمن سياسة الضغط التي يمارسها العدو مع الدول المجاورة، ويعتقد أنه بمثل هذا القول الساذج سوف يغير من الموقف المصري في تعامله مع العدوان على الشعب الفلسطيني، ورفضه تهجيره إلى أي بقعة في العالم، وأن الخيار أمام إسرائيل لاستقرارها وأمنها يأتي من خلال تنفيذ خيار الدولتين، وليس هناك من خيار آخر بديلاً عن ذلك.
* *
إن تخبط إسرائيل، وممارسة جنونها، لا يقف عند حد هذا الادّعاء، بل إنه وصل إلى القول بأن عليها أن توقف الماء والدواء والغذاء والكهرباء من أن تصل إلى قطاع غزة، وزاد بن غفير الوزير المتطرف - وكل الوزراء مع رئيسهم متطرفون- تأكيده بأن العودة إلى الحرب في غزة يجب أن يصاحبها قطع الماء والكهرباء والغذاء عنهم، أي أنه يريد موتهم إما بالحرب أو بالتجويع، بما لا سابق لمثل هذه الدعوة، وهذا التوجه الإجرامي.
* *
حتى صلاة المسلمين الفلسطينيين في رمضان بالمسجد الأقصى وضعت إسرائيل قيوداً عليها، بينما تعمل على تطهير مخيمات الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويكون إحلال اليهود الصهاينة فيها بدلاً من الفلسطينيين، في خطوات متسارعة لضم الضفة لاحقاً إلى إسرائيل، فهي تتوسع على حساب الفلسطينيين في الضفة، وفي لبنان وسوريا كذلك، وتعمل على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، حتى إنها أنشأت إدارة هجرة إسرائيلية تسمح وتشجع على مغادرة أهل غزة لها، مع العمل على إيجاد منطقة عازلة بين قطاع غزة ومصر، وهو ما رفضته مصر.
* *
لقد أصبحت لبنان وسوريا والفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت نيران العدو الإسرائيلي، دون وجود مقاومة، أو قدرة على مواجهة عدو مدجج بالسلاح المتطور، مرتكبة جرائم حرب، في كل موقع استولت عليه، أو كان تحت قدرتها في الوصول إليه بطائراتها ومسيراتها وجيشها البري، متحججة بأسباب واهية، وادّعاءات كاذبة، وأهداف توسعية مشبوهة.
* *
لاحظوا قول إسرائيل بأنها ستكون صارمة في تحديد مفاتيح الإفراج عن الرهائن، وأن وقف إطلاق النار مرهون بإجراء مباحثات محددة زمنياً لإطلاق سراحهم، وأنها ستعمل بلا هوادة لاستعادتهم، لكنها غير ملزمة بوقف إطلاق النار بعد إطلاق سراحهم، وأن أمريكا تدعمها بذلك بشكل مطلق، وهي مع ذلك -والقول لها- غير ملزمة بالاتفاق، دون توافق على مستقبل غزة، ونزع سلاح حماس، وتقويض سلطتها.
* *
وبينما تبني المزيد من المواقع في كل من سوريا ولبنان، محتلة الأراضي التي انتقتها في الدولتين، والإعلان بأن الاحتلال سيكون إلى أجل غير مسمى، فهي تتعامل مع الوضع في قطاع غزة على أساس أن أفضل طريق لاستعادة الأسرى وعلى الفلسطينيين في غزة أن يدركوا أن هناك عودة للحرب، وأن استمرار إيصال المساعدات مرهون بإطلاق جميع الرهائن الأحياء وكذلك الجثامين، مع أنها لا تلتزم بما تم الاتفاق عليه، وتحاول تمديد المرحلة الأولى بشروطها، وتتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية، ثم الثالثة بحسب ما تم الاتفاق عليه.
* *
هي إسرائيل، عدو غادر، وكيان محتل، ومستعمر تدعمه أمريكا والغرب لأهداف ونوايا بعضها معلن، وبعضها الآخر يلفه الغموض، ومن غير المعروف التنبؤ بما سيكون عليه حال المنطقة في المستقبل، أمام مؤامرة كبرى تستخدم فيها إسرائيل من أمريكا والغرب بوصفها حصان طروادة.