أحمد المغلوث
من العادات القديمة التي تعتبر عادة تاريخية وحسب ظروف المواطنين في كل مكان في وطننا الحبيب هي تبادل أطباق المأكولات في الشهر الكريم، بل وحتى في غير رمضان ولكن هذه العادة المحببة تنتشر أكثر في هذا الشهر الذي يزداد فيه إعداد وطبخ مأكولات جديدة ومع التطور وانتشار المجلات وكتب الطبخ التي تهتم بكيفية الطبخ وتقديم كل جديد في سفرة طعام كل بيت وكذلك حصص «التدبير المنزلي» في المدارس تضاعف وعي وفهم وتعلّم أطباق جديدة في مدارس البنات. وما زلت أذكر مع بدء بث تلفزيون الظهران كيف كانت الأمهات وبناتهن تقريباً في كل بيت تجدهن يتحلّقن أمام التلفزيون لمشاهدة برنامج إعداد طبق اليوم، ومع التطور عاماً بعد عام وانتشار التلفزيون في العالم باتت البرامج التي تهتم بالطبخ تحظي بإقبال كبير، بل إن كتب الطبخ باتت أكثر مبيعاً في العالم. المهم ليس زاويتنا اليوم عن انتشار كتب وبرامج الطبخ في القنوات الفضائية، بل كانت في الماضي تُذاع في بعض الإذاعات ولكن موضوعنا اليوم عن أهمية «النقصة» ألا وهي عادة إرسال بعض الأطباق إلى البيت المجاور أو حتى إلى بيوت أقارب أو صديقات.. هكذا تحرص سيدات البيوت على هذه العادة المحببة والتي باتت عادة تاريخية تتوارث في ملايين البيوت، بل وتضاعفت في العمارات والمجمعات. أم ماجد أرسلت لصديقتها ما طلبته منها، فهي عادة تشتهي «سمبوستها» المنتفخة والتي لا تشبهها سمبوسة أخرى وكذلك قطايفها اللذيذة لم تتردد وأشرفت بنفسها على إعداد ما طلبته مع خادمتها «ليزا» وقبل موعد الإفطار طلبت من السائق توصيل «النقصة» بدون تأخير بعدما وضعتها في أطباق حديثة من النوع الذي يغلق بطريقة محكمة، وما هي إلا ساعة وإذا بصديقتها تتصل بها قبل صلاة التراويح شاكرة ومعاتبة وهي تردد ما كان العشم يا أم ماجد. يا كثر ما أرسلتِ من نقصه إلا نقصة اليوم نقصه ناقصة وكنا نمني أنفسنا بأن نتناول سمبوستكم الشهية والمدهشة والعجيبة. لكن يبدو ما لنا حظ.. وراحت تواصل عتابها عندها قاطعتها أم ماجد بلطف لحظه الآن ترد على عتابك ليزا ومساعدتها رويدا وكلتاهما وضعتا المطلوب في «المطبقتين» أمامي ما لا يقل عن 15 حبة سمبوسة وكذلك القطايف. أما تقولين ما فيها ما فيها إلا خمس حبات من كل نوع فهذا غير معقول ويخالف الواقع والحقيقة وبعفويه أعطت الجوال لليزا والتي بعدما ألقت عليها التحية وأعادت لها ما ذكرته سيدتها بأنها وضعت داخل المطبقتين ما ذكته سيدتها، شعرت أم ماجد بتوتر وضيق. وما شعرت به انتقل إلى خادمتها ليزا التي تغيّر لونها وصارت ترتعش كأنها مصابة بحمى. فنظرت إليها سيدتها متسائلة وقالت لها: ماذا تتوقعين أين راحت السمبوسة والقطايف..؟ وأضافت مرة ثانية تتوقعين السواق خلال التوصيل.. يبدو أن سواقنا اشتهى يأكل منها.. وفعل ما فعله عمال التوصيل ونقلوا هذه الظاهرة الممجوجة ظاهرة أكل طلبات الدلفري إلى سائقي البيوت.. كان الله في العون.