: آخر تحديث

العثرة الأولى للرئيس ترمب

9
7
6

حمود أبو طالب

ما زال الرئيس دونالد ترمب يفاجئ العالم بالقرارات غير المسبوقة في تأريخ الرؤساء الأمريكيين والإدارات الأمريكية المتعاقبة، قرارات ليست تقليدية ومغايرة للنسق الذي يتبعه الرؤساء خصوصاً في بداية حكمهم، بالإضافة إلى بعض المقترحات المتعلقة بقضايا سياسية معقدة ومزمنة مثل القضية الفلسطينية.

فاجأ ترمب العالم والعرب بتصريحه للصحفيين داخل الطائرة الرئاسية قبل أيام، عن وجهة نظره بترحيل فلسطينيي غزة خارج القطاع، إلى مصر والأردن، وحين سأله الصحفيون هل يعني بذلك ترحيلاً مؤقتاً أو دائماً، أجاب بما معناه أن كليهما واردان. حسناً، يجب أن نتذكر أن ترمب قدم نفسه خلال حملته الانتخابية كرجل سلام، وقد أكد أنه لو كان موجوداً في البيت الأبيض لما حدثت حرب غزة، وقد قام بالفعل بدور هام بالضغط على إسرائيل قبل دخوله البيت الأبيض لتنفيذ صفقة وقف إطلاق النار وتسليم الرهائن، ما أدى إلى استبشار المراقبين أنه سيمضي في جهوده لتخفيف التوتر في المنطقة والمساعدة على تطبيق صيغة للسلام الدائم تحفظ حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وفق قرارات الشرعية الدولية، لكن فكرته بترحيل الفلسطينيين من غزة إلى خارجها تبعث القلق في تعاطيه القادم مع المشكلة الفلسطينية والسلام في المنطقة، لأنها تضرب في عمق أحد أهم حقوق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم.

فكرة ترمب قوبلت بالرفض الفوري عبر بيانات رسمية شديدة اللهجة من مصر والأردن، يرافقها رفض شعبي عربي واسع، وبالتأكيد فإن الدول العربية المؤيدة لحق إقامة الفلسطينيين دولتهم على أرضهم ترفض هذه الفكرة التي تقوّض أحد الأركان الأساسية للقضية الفلسطينية، وقد أثبت سكان غزة عملياً رفضهم للفكرة ببدء عودة الآلاف منهم إلى شمال القطاع، رغم كل الظروف الصعبة المحيطة بهم وتعنت الاحتلال الإسرائيلي في تسهيل عودتهم.

مختصر الكلام، أن إدارة الرئيس ترمب يجب أن تعي جيداً أن فكرة التهجير تحت أي ذريعة مرفوضة عربياً، والانحياز لإسرائيل بشكل غير موضوعي في قضية عربية جوهرية مزمنة لن يخدم السلام في المنطقة، وإذا كان ترمب قد قدم نفسه كراعي سلام ومانع للحروب فإنه لا يوجد حل سوى الارتهان لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وبدون ذلك سوف تستمر الأزمة وتزداد تعقيداً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد