: آخر تحديث

النصرُ حليف مَن؟

7
7
5

موسى بهبهاني

عادة المواجهة في الحروب تكون بين جيشين نظاميين، إنّما الحال في غزة المحاصرة هي مقاومة شعب محتلة أراضيه ضد غزاة مرتزقة تجمّعوا من جميع بقاع العالم، واستوطنوا واحتلوا أرض فلسطين، فهي حرب مشروعة ضد الغزاة دفاعاً عن الوطن.

أليست مقاومة المحتل واجباً وطنياً؟

أليست المقاومة قراراً وطنياً يتخذه الشعب؟

وشاهدنا ذلك جلياً في غزة العز، باحتضان جميع المواطنين لأبنائهم المقاومين طوال فترة 15 شهراً متواصلة، بالرغم من سقوط قوافل الشهداء يومياً جراء القصف الأهوج، وبالرغم من دمار المنازل والقرى والمناطق، ظلوا صامدين صموداً منقطع النظير، نجدهم متواجدين في مناطقهم وبين الأنقاض وفي الخيام متحملين الألم بفقد الأحبة من أبناء ونساء ورجال مدنيين غير مقاتلين، صابرين محتسبين للمولى عز وجل.

استخدم الطغاة الغزاة كل أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرّمة دولياً التي دمرت كل شيء ولم يستثن شيء، بل شملت المستشفيات والمدارس وخيام الايواء، وبسبب هذا القصف المستمر ذهب ضحية تلك المواجهة عشرات الآلاف من المدنيين، من كبار السن والأطفال والنساء ولم تفرق الآلة العسكرية الصهيونية بين عسكري أو مدني، مأساة وجريمة نكراء أمام مرأى ومسمع دول العالم دون أن تتمكن طوال تلك الفترة الطويلة من إيقاف تلك المجازر الوحشية التي امتدت لمدة 15 شهراً من حصار جائر وتجويع وترويع وإبادة شعب.

المفارقة أن الطغاة الظالمين الصهاينة حازوا الدعم التام، فكانت تصل إليهم المساعدات والمعدات العسكرية والأسلحة والذخائر والأدوية والمواد الغذائية بوتيرة سريعة يومياً من شتى الدول الداعمة لهم؟

وبالمقابل كان الطرف الآخر من المدنيين المحاصرين من أهل غزة يمنع عنهم كل أنواع الدعم والمساعدات الطبية والغذائية، فلا يصل لهم أي شيء بل الحصار والتجويع والإبادة كان مصيرهم!

ونستذكر هنا كلمات قادة الكيان الصهيوني:

لن تكون هناك مقاومة «حماس»؟

سيتم إخلاء غزة من الأسلحة؟

لن نوقف العدوان حتى يتم تحرير الرهائن؟

والنتيجة كما نراها الآن بعد أن ذهبت تهديدات قادة الكيان الصهيوني أدراج الرياح:

- اتفاق مع «حماس» على وقف العدوان.

- الاتفاق على آلية إطلاق سراح الرهائن.

النصر حليف غزة:

بعد كل هذا الهجوم الهمجي من الرعاع الصهاينة، رضخوا أمام شجاعة وبسالة المقاومة المسلحة بالأسلحة الفردية الخفيفة، وخرج أهالي غزة من تحت الدمار والأنقاض منتصرين بالرغم من كل الخسائر الفادحة من الأعداد الكبيرة من الشهداء والمفقودين والمهجرين والجرحى والدمار الكبير الذي طال الحجر والمدر، فظلت المقاومة منذ بداية العدوان وحتى اللحظة الأخيرة صامدة يواجه أبطالها جنود الطغاة بكل بسالة، والآن بعد توقف العدوان عادوا مرفوعي الرأس بدحرهم هؤلاء الجبناء.

-نعم انتصرت غزة لان أبناءها رفضوا التهجير ومغادرة تلك البقعة الصغيرة.

-نعم انتصرت غزة بفضل صمود أهلها.

-نعم انتصرت غزة بمساندتها من إخوانهم من جبهات عدة.

وجاء الانتصار بسبب الوحدة في الجبهة الداخلية.

ما هي الاستفادة من طوفان الأقصى؟

نختصرها هنا في نقطتين:

1/ البعد عن الصراعات الطائفية والمذهبية والاتفاق على مجابهة العدو الصهيوني وحده.

2/ لا شك ولا ريب هي «الإنسانية»، فكل من يتصف بالمشاعر الإنسانية والقلب الرحيم لم يرض بما تعرّض له الشعب الغزاوي من ظلم وقتل وتنكيل، فكانت الوقفات الاحتجاجية سواءً بالمسيرات والتجمعات السلمية أو بقولٍ أو كتابة كلمة تدين الظلم والعدوان.

الإنسانية جمعت شعوب العالم بالرغم من اختلاف الدين والطوائف واللون والفكر، فهؤلاء أجمعوا على إدانة العدوان ضد الصهاينة في عقر دار الدول الداعمة الصهاينة مطالبين بوقف المساعدات للكيان الصهيوني.

بالإضافة إلى الموقف الحازم من مختلف مواطني دول العالم صغاراً وكباراً باستخدام سلاح «المقاطعة» مقاطعة منتجات الشركات التي أعلنت تأييدها للكيان الصهيوني.

-لم تتعرض دولة الصهاينة في تاريخها إلى حرب مداها 15 شهراً متواصلة متكبدة مئات القتلى وآلاف الجرحى، رغم أنها دخلت في حروب عدة، فلم تتعرض لمثل ما تعرّضت له في طوفان الأقصى.

ولم يتعرّض الصهاينة إلى قصف في عقر دارهم، ولجوء المستوطنين إلى الملاجئ على امتداد مسيرتهم التاريخية، بالإضافة إلى انهيار اقتصادهم من جوانب متعددة، وشبه توقف الحياة الاجتماعية في الكيان الصهيوني، ناهيك عن الرعب والخوف الذي صاحبهم طوال فترة العدوان.

وقد استجدوا وقف إطلاق النار لعجزهم عن تحقيق أهدافهم النتنة ولم ينالوا شيئاً من شروطهم التعجيزية.

ولقد تفاجأ العالم رغم كل ما حدث من دمار ومجازر وإبادة من صمود المقاومة ووقوفها كما كانت ثابتة على قدميها في الميدان وأثبتت شرعيتها في القطاع بإبرام الاتفاق مع الصهاينة.

وسيسجل التاريخ هذا الانتصار الذي شارك فيه الشهداء القادة، رحمهم الله، وبسبب هذا الصمود استقال عدد من المسؤولين في الكيان الصهيوني من مناصبهم، فكان هذا أيضاً نصراً يضاف إلى الانتصارات التي حققها أهل غزة على العدو.

ختاماً،

نبارك لأهل غزة ثباتكم وصبركم الكبير، ونترحم على الشهداء الذين سطّروا بدمائهم ملاحم العزة، وندعو بالشفاء لكل الجرحى.

لقد أثبتم إن إرادة الشعوب لا تنكسر، وكرامة الإنسان أغلى من كل تحدٍ، وقدمتم درساً في الصمود والإصرار على الحفاظ على الكرامة والحقوق المشروعة.

والشكر موصول لكل من ساند بموقف أو كلمة أو دعاء ووقف مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر وأدِم علينا نعمة الأمن والأمان.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد