: آخر تحديث

المعدة.. والسمنة

8
6
5

منذ سنوات خمس أو أكثر وأنا أشكو من سعال متقطع، يزورني أحياناً وتطول إقامته، ويختفي لفترة ليعود قوياً، أو خفيفاً.

راجعت عشرات الأطباء والاستشاريين، في أربع دول، وجربت أدوية لم يخطر على بالي يوماً استعمالها، ودخلت في قنوات الرنين المغناطيسي MRI والسي تي سكان CTS وغيرت أنظمة غذائي، ونومي وصحوي، لكن بقي الحال على ما هو عليه، ثم أصبت أخيراً بنوبة إنفلونزا مصاحبة بسعال قوي لم أعرف مثله منذ سنوات طويلة، فمناعتي كانت دائماً قوية.

قاومت وتحامقت، وجربت الوصفات العادية، المنزلية المعتادة، من زنجبيل وقرفة وكركم وعسل وشوربة دجاج واسبرين ودفء وحنان وحب ونوم، ولكن الوضع استمر، وطال الأمر لأسبوعين، فكان لا بد من مراجعة من يعلم، فوق علمي، فتبين من الفحوصات أنني أشكو من حالة تسمى بـ«الارتجاع الصامت»، المعروف أيضاً باسم الارتجاع الحنجري البلعومي (LPR)، ويحدث عندما يتدفق حمض المعدة مرة أخرى إلى المريء ويهيج الحلق أو الاحبال الصوتية أو الممرات الأنفية من دون أن يشعر المصاب بظهور الأعراض النموذجية للحموضة المعوية عليه، بل فقط يرى الأعراض مثل السعال المزمن، أو بحة أو تغير الصوت، والبلغم، والشعور بوجود كتلة أو شيء عالق في الحلق، والحاجة لتنظيف أو ترطيب الفم بشكل متكرر!

تعود أسباب الارتجاع الصامت إلى خلل ميكانيكي في العضلة العاصرة للمريء، السفلية (LES) أو العضلة العاصرة للمريء، العلوية (UES) التي لا تغلق بشكل صحيح، مما يسمح لحمض المعدة بالتحرك إلى الأعلى، والتسبب في الإصابة بالارتجاع، الصامت وأيضا الظاهر منه الذي تصاحبه عادة حموضة وشعور بعدم الارتياح.

تتسبب الأمور التالية في زيادة الارتجاع الصامت، أولها الوزن الزائد، وأهمها النظام الغذائي الذي يتضمن الأطعمة الحارة أو الدهنية، المقلية، أو الأطعمة الحمضية، ومنها الاستلقاء بعد الأكل مباشرة، واستخدام مرتبة أو مخدة غير مرتفعة، والحاجة الى ألا يقل ارتفاعها عن 15 سم.

يمكن علاج الارتجاع الصامت والظاهر إما طبياً، وإما في تجنب الأمور التالية:

السمنة، والأطعمة المحفزة مثل الكافيين والكحول والأطعمة الحارة والحمضيات والشوكولاتة والأطعمة الدهنية أو المقلية، وضرورة تقليل كمية الوجبات، مع زيادة عددها، لتقليل الضغط على المعدة. ومن المهم الانتظار لساعة أو أكثر قبل الذهاب للنوم، وتجنب الاستلقاء بشكل مسطح بعد أي وجبة.

باختصار: مصدر السعال أو الحكة لا يعود دائماً لمشاكل في الصدر أو الرئة، بل قد يكون سببها غالباً المعدة، فهي مصدر الكثير من الأمراض. كما أن السمنة سبب في الإصابة بأمراض كثيرة.


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد