في عالمٍ تتسابق فيه الدول نحو الريادة التقنية، ويُشكّل الذكاء الاصطناعي قلبًا لهذا التنافس، يبرز الاستثمار في العقول الشابة باعتباره حجرًا للأساس لمستقبلٍ واعد، وفي هذا السياق، تُسجّل المملكة حضورًا مميزًا يليق بطموحاتها، حيث يتألق طلبتها في ساحات الابتكار والتفوق العلمي، محققين إنجازاتٍ عالمية تضعهم في مصافّ نخبة العالم، وتعكس حجمًا للإمكانات الكبيرة التي يمتلكها هذا الجيل الطموح.
هذا التفوق تجلّى بوضوح في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب (WAICY) لعام 2024، حيث تربعت المملكة على قمة المنافسة، متفوقةً على 129 دولة شارك منها أكثر من 18 ألفًا من الطلاب والطالبات من مراحل التعليم العام، وتمكنت المواهب السعودية من حصد 22 ميداليةً متنوعة، بين ذهبيةٍ وفضيةٍ وبرونزية، إلى جانب جوائز خاصة تعكس تميزهم وتفوقهم بجدارةٍ واستحقاق.
وقدم 1298 طالبًا وطالبةً من المملكة أداءً استثنائيًا في المسابقة من خلال 662 مشروعًا مبتكرًا، ما أثمر عن تحقيقهم أعلى عددٍ من الميداليات، وهذا لم يكن وليدَ صدفة، بل هو ثمرةُ جهدٍ دؤوب واستثمارٍ واعٍ في عقول هؤلاء الطلبة، الذين استغلوا تقنياتِ الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مُبهرٍ، متفاعلين مع تطورات العصر في وقتٍ تتوجه فيه أنظار العالم نحو هذه التقنية وتُضخ فيها مليارات الدولارات لتطوير القدرات والمهارات وتحقيق النمو المستدام.
هذه الإنجازات تأتي ضمن جهود «سدايا»، التي دعمت هذه المسابقة على مدى السنواتِ الماضية بهدف تعزيز قدرات الجيل الجديد في تعلم تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها على أرض الواقع، من خلال تمكين الطلبة من حل المشكلات الحقيقية، وفهم أهميةِ وتأثير الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، وتشجيعهم على الانخراط في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، بما يساهم في تطوير المجتمع.
اليوم، المملكة تُجسّد نموذجًا رياديًا في توظيف التقنية لخدمة المجتمع، ويظهر ذلك جليًا في شغف السعوديين بالتكنولوجيا ووعيهم بأهميتها، هذا الوعي انعكس في تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي الصادر عن جامعة ستانفورد لعام 2023، الذي وضع المملكة في المرتبة الثانية عالميًا في مستوى الوعي المجتمعي بالذكاء الاصطناعي، مُؤكدًا ارتفاع ثقةِ السعوديين في التعامل مع منتجات وخدمات هذه التقنية المتقدمة بكل كفاءة.
هذا الإنجاز يعكس مدى جاهزية المملكة للمنافسة العالمية في مجالات التقنية والابتكار، ويدل على نجاح منظومة التعليم في صقل مهاراتِ الطلاب، وتنمية قدراتهم بشكلٍ مستدام، ومع هذا التفوق يصبح من الضروري تعزيز الجهود لاستثمار هذه المواهب وتوسيع آفاقهم، لضمان استمرار التميز وتأسيسِ مستقبلٍ مشرقٍ يقوده الإبداع والمعرفة والعزم على تحقيق الريادة.