: آخر تحديث

رقم وأمامه تسعة أصفار!

2
2
2

سليمان جودة

نقرأ أن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك ربح في يوم واحد 19 مليار دولار، فنشعر بالحيرة أمام الطريقة التي يمكن بها حساب هذا الرقم ؟ ولمن لا يعرف لغة الأرقام ولا يحبها، فإن هذا الرقم يعني أن تكتب 19 وأمامها تسعة أصفار!

هذا هو مكسب الرجل في نهار واحد، وإذا شئنا الدقة قلنا إن هناك «فكة» إلى جانب الرقم، لأن التفاصيل المنشورة تقول إنه كسب 19 ملياراً و200 مليون دولار..

فكأن وسائل الإعلام التي راحت تزف لنا الخبر قد وجدت أن المئتي مليون دولار الزائدة فوق المليارات ليست سوى فكة، وأنها لا تستأهل أن يتوقف أمامها الذين يحصرون ثروة ماسك، وهي تتزايد منذ أن فاز ترامب في السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض!

أما الرقم الذي أضيف إلى ثروته في يوم واحد، فلم يكن سوى نتيجة للمستويات القياسية التي بلغها سهم شركة تيسلا في الأسواق.. والشركة كما نعرف يملكها ماسك، وهي أكبر شركة في العالم لصناعة السيارات الكهربائية.

وليست تيسلا هي الشركة الوحيدة التي تقع في حوزته، فهو يستحوذ كما نعرف على منصة إكس «تويتر سابقاً» بعد أن دفع فيها 44 مليار دولار عداً ونقداً في 2022.

ولا بد أنه كان يغامر وهو يراهن على ترامب في السباق الرئاسي، ليس فقط لأن نجاح ترامب لم يكن مؤكداً، وإنما لأن عدم نجاحه كان سيعني أن كامالا هاريس، المرشحة التي نافسته في السباق، كانت ستحاصر ماسك وتحاصر أعماله في الولايات المتحدة، وكانت ثروته هذه التي تزيد زيادات أسطورية في كل يوم معرضة لأن تتبخر!

وإذا كان ترامب قد وضع ماسك فوق رأسه بعد الفوز، فإن المرشحة الديمقراطية كانت ستضعه «في رأسها» كما نقول، أي تترصده وتتربص به بالعربي الفصيح، لولا أن الله سلّم ولولا أن الأقدار وقفت في صفه على طول الخط.

إن كل ما أنفقه في الدعاية الانتخابية لترامب لم يتجاوز 277 مليون دولار على حد تعبيره هو، ولكن ثروته زادت في المقابل 200 مليار دولار منذ الإعلان عن فوز المرشح الجمهوري إلى اليوم.. آسف.. إن كلمة «اليوم» هنا ليست دقيقة، لأن الدقيقة الواحدة تعني الكثير له لا اليوم.

وعندما أشير إلى «اليوم» فأنا أقصد يوم 16 من هذا الشهر، لأنه اليوم الذي جرى فيه الإعلان عن أن ثروته وصلت 442 مليار دولار وأنه كسب فيه كذا، وأنه تفوق بذلك على كل الذين سبقوه في قائمة أغنى أغنياء العالم، وبالذات جيف بيزوس الذي كان يجلس على رأس القائمة فأنزله ماسك وجلس في مكانه!

هناك مَثَل عربي يقول «عِد مليون وخُده» أي إذا استطعت أن تعد مليوناً من الجنيهات في جلسة واحدة.. فالمليون سيكون لك!

والذين وضعوا هذا المثل الشعبي العربي أو أطلقوه قد فعلوا ذلك عن تجربة، والتجربة تقول إن المليون إذا كانت من فئة الجنيه الواحد، لا فئة العشرات أو المئات، فمن المستحيل عدها في جلسة واحدة، لأن العد في هذه الحالة سيستغرق أكثر من يوم كامل!

هذا عن المليون، فماذا عن المليار، بل ماذا عن 19 ملياراً كسبهم الرجل في طلعة نهار، ثم ماذا عن 442 ملياراً في الإجمال؟ لاحظ طبعاً أننا نتكلم عن يوم 16 من الشهر، لا عن اليوم التالي له، ولا عن هذا اليوم الذي ترى فيه هذه السطور النور!

كَمْ من الوقت يحتاج ماسك إذا أخذ بالمثل العربي، ثم قرر أن يجلس وأن يبدأ في عملية عد وإحصاء لهذه الثروة التي هي في جيبه؟

لا بد أن إكس كانت فاتحة خير عليه، لأنه من بعدها راح يميل إلى الجمهوريين تاركاً الديمقراطيين وراءه، وفي مرحلة تالية راهن على مرشح الجمهوريين صراحة وألقى كل أوراق رهانه عليه فوق الطاولة، وكان ذلك من جانبه مقامرة لا شك، لأن في سباق من نوع السباق الأمريكي يصعب جداً أن تقطع بالاسم الفائز مسبقاً.

ولكن المؤكد أن الحظ قد طرق بابه كما لم يطرق باب أحد مثله من قبل، والمؤكد أيضاً أن فوز مرشح الجمهوريين كان بمثابة ضربة الحظ التي جاءته في لحظة كانت أبواب السماء خلالها مفتوحة أمامه تستقبل الدعوات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد