سهوب بغدادي
ينقسم الناس في عصر ثورة الإنترنت وفورة مواقع التواصل الاجتماعي إلى قسمين ما بين مؤيِّد ومعارض لها، ويطلق على تلك التقنيات الحديثة «سلاح ذو حدين» وذلك أمر مفهوم، إذ تعتبر السكين أداة نافعة في المنزل والمطبخ، وما إلى ذلك، في ذات الوقت، قد تشكِّل خطرًا على الحياة في حال استخدمت بشكل خاطئ كسلاح أبيض، وهكذا، فإن التقنيات التي نتعرَّض لها بشكل يومي -شئنا أم أبينا- تحمل في جنباتها اعتبارات عديدة تتنوَّع بين الإيجابية ونقيضها، فيما يقلق المربين من التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي والتقنية بشكل عام، خاصةً عندما يتعلَّق الأمر بأطفالهم وتربيتهم، حيث يُظهِر الأطفال في زماننا عزلة غير مسبوقة، عقب اقتحام التقنية عالمهم عبر مفاهيم جديدة للعب والترفيه والتسلية، تنافي في سماتها تلك التي نشأنا عليها خلال السنوات الماضية، ابتداءً من اللعب الحركي وصولاً إلى التفاعل والاختلاط بالأقران من زملاء المدرسة والجيران، في خضم هذا الصراع اليومي، يتبنى عدد من المربين سياسة الرفض، نعم، بمعنى أنهم يدفعون بالطفل للعب واختبار الطفولة بذات النهج الذي اختبروه في زمانهم، والأمر غير مجدٍ، فكما وجدنا أن التقنية عزلت الأطفال عن التفاعل، فإن عزلهم عنها يؤدي إلى وسمهم بالأمية الرقمية وينأى بهم عن اللحاق بأبناء جيلهم في المسارات التي تستلزم تلك الناحية، فلا إفراط ولا تفريط، في هذا السياق، باعتبار أنه لا مناص من نعمة ونقمة العصر، إذن يتحتم على الشخص أن يقوم بعملية التمرين التقني على غرار تمرين الجسد والعضلات والعقل والذاكرة، فلكل منصة وموقع ذاكرة وخوارزميات تتغذى على المحتويات المستهلكة التي تتعرض لها بشكل متكرر، لذا ينصح بعض التقنيين بتدريب مواقع التواصل الاجتماعي على ما يفيدك في حياتك الاجتماعية والمهنية وغيرها من الإطارات، فليس كل محتوى نتعرض له سلبي بالضرورة، كل ما عليك فعله هو تفعيل مبدأ الفلتر الذاتي والتمرين التقني للحصول على أقصى قدر من الاستفادة.