أحمد الجميعة
من أكثر مكاسب رؤية السعودية 2030؛ ما تحقق من جهود التكامل والتنسيق بين الجهات الحكومية للوصول إلى مستهدفات تلك الرؤية، والتواصل الفعّال بين القطاعات لتحقيق منجزات نوعية وغير مسبوقة، وتعزيز تنافسية المملكة عالمياً، ومن بين تلك الجهود المميّزة حماية البيئة والموارد الطبيعية؛ بوصفها إحدى الركائز الرئيسة لتحقيق التنمية المستدامة، وما تم الإعلان عنه من اعتماد الإستراتيجية الوطنية للبيئة، وإعادة هيكلة القطاع البيئي، وصدور نظام جديد للبيئة، وتتويج ذلك بمبادرة «السعودية الخضراء» التي تستهدف زراعة 10 مليارات شجرة في المملكة خلال العقود المقبلة، بما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ورفع نسبة المناطق المحمية إلى 30%.
مع هذه الجهود والمستهدفات الوطنية لحماية البيئة؛ تأتي القوات الخاصة للأمن البيئي في وزارة الداخلية -التي تأسست عام ۲۰۱۹م وبدأت تنفيذ مهامها عام ۲۰۲۰م- لممارسة دورها التكاملي مع قطاعات الدولة، من خلال المراقبة الأمنية على كافة المناطق البيئية في المملكة، بما في ذلك محميات ملكية، وطبيعية، وغابات ومراعٍ ومتنزهات، وغيرها، إلى جانب مهام التحري الأمني، والقبض والاستيقاف، كذلك الضبط وتحرير المخالفات، والإحالة للجهات المختصة، وتقديم المساندة والدعم الأمني، إضافة إلى تلقي الشكاوى ومتابعتها، والمشاركة في حالات الطوارئ البيئية، والتوعية لأفراد المجتمع.
رجال الأمن البيئي الذين يمارسون دورهم بكفاءة عالية، ورؤية إستراتيجية، ومهام محددة؛ يعكسون جانباً من دورهم الوطني في الحفاظ على البيئة، والتصدي للمخالفين، من خلال دوريات أمنية تقطع مسافات طويلة للحماية البيئية، واستخدام الكاميرات والطائرات بدون طيار في مهام رقابية متطورة، حيث أثمرت هذه الجهود -رغم العمر القصير لتأسيس هذه القوات- من تحقيق منجزات نوعية في التحري والقبض والرقابة، والحفاظ على ثروات الوطن البيئية ومنع التجاوز عليها.
اليوم في هذا الصحراء الشاسعة على امتداد هذا الوطن والمسطحات المائية المحيطة بها؛ يقف الأمن البيئي حارساً أميناً على رؤية المملكة البيئية، واستدامتها للأجيال المقبلة؛ فلا تكفي المستهدفات والاستراتيجيات من دون وسيلة رقابية فاعلة في الميدان، ولا يمكن أن نصل إلى منجزات بيئية بدون جهاز أمني يمارس مهامه وصلاحياته في الحفاظ على ما تحقق.. والبناء للمستقبل، وعلى هذا الأساس كانت قوات الأمن البيئي تنظر إلى الفرص أكثر من التحديات، وهي في رحلة عمل يومية وعلى مدار الساعة لمراقبة المناطق البيئية في المملكة، وتأسيس غرفة عمليات متقدمة، ووسائل تبليغ سريعة، والأهم وجود كفاءات وطنية نرفع لها الشكر والتقدير على ما تبذله من عمل استباقي مهني للكشف عن التجاوزات، وسد الفجوات، وتطبيق العقوبات.
المسؤولية الوطنية اليوم لا تقف عند قوات الأمن البيئي لمواجهة المخالفين، ولكنها تمتد إلى دور ومسؤولية أكبر للمواطن في أن يكون خط الدفاع الأول للحفاظ على ثرواته البيئية في الصحراء والبحار، ويستشعر دوره في الانتقال من مرحلة التوعية (المعرفة) بعدم مخالفة النظام البيئي؛ إلى مرحلة الوعي (المشاركة) بالإبلاغ عن أي تجاوزات؛ وهي المهمة التي تختصر الوصول إلى مستهدفاتنا البيئية قبل 2030.