: آخر تحديث

أن تصل متأخّراً... ليس في الحروب!

7
6
7

يتصاعد منسوب الوحشية الإسرائيلية في تعميم المجازر بين المناطق اللبنانية وتجمعات المدنيين والناس والنازحين الى حدود زرع الرعب غير المسبوق فيما قد يكون الرعب الأشد قسوة متصلاً بسؤال تفرضه دوامة العقم الديبلوماسي الدولي والمحلي والإقليمي التي تواكب هذا الويل الحربي. والحال أنه في الفترة الأخيرة، أقله في الأسبوعين الأخيرين بعد اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، مال الموقف الرسمي والحكومي اللبناني، بشراكة ثابتة بين رئاستي الحكومة ومجلس النواب اللتين صارتا تختصران موقف "الدولة" اللبنانية بصمت سائر القوى اللبنانية تجنباً لأزمة إضافية علماً بأن فصل السلطات صار في ظل هذه الشراكة أثراً بعد عين فضلاً عن الأثر الكارثي لغياب رأس النظام والدولة أي رئيس الجمهورية... هذا الموقف مال الى أعلى ما سجّل من وضوح ممكن لجهة المطالبة بوقف النار بمعزل عن حرب غزة المشؤومة. ونقول المشؤومة من زاوية مزدوجة طبعاً إذ إنها تحولت الى حرب محو وإبادة وتصفية للشعب الفلسطيني وقضيته من جهة، ومصدر تدمير وخراب وإعادة محتملة للاحتلال الإسرائيلي الى لبنان من جهة موازية في أفدح الكوارث قاطبة التي نشأت عمّا سُمّي "ربط الساحات". اضطر الجانب الرسمي اللبناني تحت وطأة الكارثة الحربية الزاحفة في تدمير وقتل منهجيين تشنهما إسرائيل على المناطق اللبنانية تباعاً، الى إعلان الموقف الذي كان يُفترض اتخاذه بقوة حاسمة لا غبار غموض عليه منذ ما قبل الكارثة، بما كان ليقنع المجتمع الدولي أقله بعدم الصمت أو السكوت أو القبول الضمني أو حتى بالتواطؤ، بالحرب الزاحفة على المدنيين أيضاً. ولكن، في ظل المجريات الديبلوماسية التي بدت كأنها أخضعت لإنعاش نسبي في الأيام الأخيرة، قد نخاف أن تتبلور صدمة جديدة لا يفترض إسقاطها من الاحتمالات الواقعية، وهي ألا يكون الموقف اللبناني الضاغط بقوة نحو استصدار موقف دولي يردع تمدد الضربات والغارات على المناطق اللبنانية كافياً بعد الآن لأن الوقائع الدولية لا تبدو إطلاقاً في مرحلة تحفز لإنقاذ لبنان من الكارثة التي تتدحرج فوق أرضه ومناطقه. وهي خشية من أن يكون التأخير في استدراك الكارثة جرف كل تأثير لبناني رسمي أو ديبلوماسي على المجتمع الدولي الموصوم أساساً بالعجز أو بالتواطؤ فكيف مع انحياز دول كثيرة أولاها الولايات المتحدة لكل المبررات الإسرائيلية في الحرب على "حزب الله" وعبره على لبنان بأسره؟ قد لا يكون الأمر موصولاً بكامله بموقف رسمي علني ينزع لبنان من ربط ساحته بساحات الإقليم بدءاً من غزة فقط. فثمة عوامل أكبر وأشد تعقيداً ستؤخر معاناة لبنان وتطيلها وتتصل بالاستراتيجية الحربية المتدحرجة لإسرائيل قبيل وبعيد الانتخابات الرئاسية الأميركية، امتداداً من لبنان وغزة حتى إيران. ومع ذلك صارت مسألة توقيت محاولات لبنان الرسمي لاستقطاب المجتمع الدولي لعله يوقف الحرب في صلب الشكوك المبررة لأن القاعدة التي تقول "أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً" لا تنسحب على تاريخ الحروب كلها فكيف بهذه الحرب التسلسلية الأشرس في تاريخ الحروب في المنطقة التي تختلط في تكوينها وتركيبتها طبيعة الصراع، بين صراع عربي إسرائيلي وصراع إسرائيلي إيراني حتى إن الصراع الثاني يغلب على الأول مهما أنكر المنكرون؟ وقع لبنان في الحفرة التي لا قعر لها فاقداً أي قدرة على الخروج منها… هي حقيقة اللحظة بلا "رتوش".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد