: آخر تحديث

الكماليّات الضروريّة في المناهج

21
16
17

هل من الجدّ الحديث عن كماليّات ضروريّة لم تتنبّه لها كفاءات التربية والتعليم منذ عشرات السنين؟ إذا كانت كمالياتٍ، فكيف جاز وصفها بالضرورية؟ وإن كانت ضرورية، فكيف ينبغي الانتقاص من شأنها فتنعت بالكماليات؟ خذ الأمور برويّة. الكماليات المذكورة، لا تعدّ هكذا في أنظمة التعليم التي قررت القطيعة مع تعليم التنميات المتعثرة في العالم الثالث. إعداد قائمة بهذه الكماليات ليس مهمّةً صعبة. من السهل اكتشافها من خلال فحص شامل للحياة العامّة، لتشخيص الأعراض والأمراض التي تحتاج إلى علاج فعّال، من دونه تظل البلدان ومجتمعاتها تعاني ألواناً من العلل. التنميات المتعثرة تنظر إلى هذه القضايا كشؤون لا علاقة لها بالتربية والتعليم، وتضعها ضمن مسؤوليات المؤسسات السياسية تدرّجاً إلى أعلى هرم السلطة. هذه هي المعضلات المزمنة التي طالما اكتوى بنارها جلّ بلدان العالم العربي، والعالم الثالث عامّة. القائمة جليّة عند توافر الرؤية الثاقبة: الآفة التي تقتل الإرادة والطموح هي موانع حريات الفكر والرأي والتعبير، فهل ينتظر الناس عندها انفتاح آفاق الإبداع؟ منذ ابن رشد، قبل ثمانية قرون، لم تنجب الأمّة ولا حتى فيلسوفاً واحداً. طوال مئات السنين، وخصوصاً منذ مطلع القرن العشرين، ظهر مفكرون عربٌ بالعشرات، ومع هذا لم يكن لأيّ منهم أثر في سياسة أو اقتصاد أو جغرافيا سياسية أو نهضة تعليمية أو تحوّل علميّ. الظاهرة عامّة في بلاد العرب، فهي إذاً من نوائب الدهر، التي تستدعي قسم طوارئ فكرية. أغلبية البلاد العربية تعاني مشكلة المشكلات: الحاجة الماسّة إلى الإدارة الفائقة. قبل بضع سنوات دعا القلم في هذا العمود إلى إدخال العلوم الإدارية إلى المناهج منذ الابتدائية. خبراء التربية قادرون على تبسيطها للصفوف الأولى، والتدرّج في زيادة الجرعات عبر مراحل التعليم. من عجائب العصر العربي الذي نعيشه منذ بداية التاريخ الحديث، أن المناهج لم تستغنِ حتى الساعة عن الأساليب التقليدية البالية كالحفظ عن ظهر قلب، وعدم انتهاج البحث العلمي والتحقيق منذ الابتدائية. يجب أن يشعر الدارس أنه ليس قرصاً صلباً ولا ذاكرةً عشوائيةً، وأن من حقّه الاقتناع عن طريق الاستدلال المنطقي العقلي، لا عبر القمع بالمسلّمات. من حقه أن يحظى بكرامة الفكر والرأي والتعبير والتفكير العلمي. لزوم ما يلزم: النتيجة الانعكاسيّة: تلك الكماليّات الضرورية تصنع الفارق والوازن الحضاري.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد