: آخر تحديث

"بسنا" انتخابات!

14
12
15

لعل من أهم الانتخابات التي جرت وتجري هذا الأسبوع، هي الانتخابات البريطانية التي تدور رحى صناديقها وقت كتابة هذه المقالة. يجمع المراقبون على هزيمة مؤلمة لحزب المحافظين البريطاني الذي يحكم البلاد منذ عام 2010، بل يتوقع مراقبون أن يخسر رئيس الوزراء ريشي سوناك مقعده، وألا يتحول حزبه إلى حزب المعارضة الأول الذي يشكل حكومة الظل في سابقة تاريخية بريطانية.


أسبوع دولي حافل بالانتخابات، انتخابات من بنما وحتى إيران مروراً بفرنسا وبريطانيا وموريتانيا، ناهيك عن التمهيد الأشهر للانتخابات الأميركية بالمناظرة التلفزيونية بين الرئيس جو بايدن ومنافسه الرئيس السابق دونالد ترمب الخميس الماضي التي كانت نتيجتها 10- صفر لمصلحة ترمب.

الجمعة الماضي، جرت الانتخابات التمهيدية الرئاسية الإيرانية العامة. خاضها ستة مرشحين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور الذي استبعد مرشحين آخرين بينهم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. انتخابات الجمعة الماضي لم تحسم النتيجة بغالبية أكثر من 50 في المئة من الناخبين، لذلك ستجري جولة أخرى غداً الجمعة الموافق الخامس من يوليو (تموز) بين الاثنين الأكثر أصواتاً بين المرشحين وهما مسعود بزشكيان وسعيد جليلي. الإعلام يسمي الأول "إصلاحياً" ويسمي الثاني "متشدداً".

المتابع للانتخابات الرئاسية الإيرانية الـ13 التي جرت منذ الثورة الإيرانية عام 1979 لا يشهد فرقاً كبيراً بين المرشحين على رغم التصنيفات الإعلامية للمرشحين إصلاحي ومحافظ (متشدد)، خصوصاً في ما يتعلق بالمسائل العربية وعدم التدخل في الشؤون العربية وتخريب البلدان التي هيمنت إيران عليها، العراق وسوريا ولبنان واليمن.

كانت الانتخابات التي جرت الجمعة الماضي الأقل إقبالاً منذ قيام الثورة، إذ بلغت نسبة المشاركة 40 في المئة من عدد الناخبين وهي النسبة الأدنى منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران، وقاطعتها شخصيات معارضة معروفة أشهرها مرشح الرئاسة السابق عام 2009 حسين موسوي الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله وكان عدم فوزه سبباً في اندلاع ما سُمّي "الثورة الخضراء" لاتهام الناخبين النظام بالتزوير وفرض محمود أحمدي نجاد رئيساً لدورة ثانية.

المعارضون والمقاطعون لا يرون فرقاً بين المرشحين ولا تغييراً في الأوضاع الاقتصادية والسياسية والحريات مهما كانت نتيجة الانتخابات وأنه بغض النظر عن نتيجتها فإنها "صبه! احقنه! لبن". المؤيدون للنظام يسوّقون أن الفوضى ستعم لو ترك الحبل على الغارب من دون "مجلس تشخيص لمصلحة النظام" ومجلس لحماية الدستور. ويذكرون الانتخابات الأميركية كنموذج لهذه الفوضى التي انتهت بخياري بايدن الهرم الخرف، أو ترمب المجرم المدان!، أي إن مؤيدي النظام يرون أن الانتخابات الإيرانية أفضل وأكثر ديمقراطية من النموذج الأميركي!.

في موريتانيا، جرت انتخابات رئاسية أسفرت عن فوز رئيس عربي في جمهورية عربية بالانتخابات، محمد ولد الغزواني، وهي انتخابات نزيهة بنسبة كبيرة، بل إنها انتخابات تعتبر مثالية إذا ما قورنت بانتخابات جمهورياتنا العربية العتيدة التي غالباً ما يفوز الرئيس فيها بنسبة التسعينيات في المئة، ولا حاجة للخوض في التفاصيل، مراهناً على فهم وحذاقة القارئ.

رئيس بنما المنتخب في مايو (أيار) الماضي خوسيه راؤول مولينو ألقى كلمة خلال حفل تنصيبه رئيساً الإثنين الماضي (الأول من يوليو)، مشيداً بحكم القاضي الذي برأ 28 متهماً الجمعة الماضي من كافة التهم الموجهة إليهم في ما عُرف بقضية "أوراق بنما" التي تسربت عام 2016، فكان المتهمون يواجهون تهماً بغسل الأموال والتهرب الضريبي لشخصيات وقيادات وأثرياء حول العالم من خلال شركات وهمية وحسابات بنكية لهم. ووصف الرئيس مولينو تلك القضية بأنها "تلفيقات دولية".

أما في فرنسا، فحقق اليمين الفرنسي تقدماً بالانتخابات البرلمانية للجمعية الوطنية التي جرت الأحد الماضي والتي دعا إليها مبكراً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بموجب المادة 12 من الدستور الفرنسي. أدت نتائج الانتخابات إلى اندلاع أعمال شغب وعنف في بعض المدن الفرنسية، وهيجان واحتقان وتوتر في الشارع السياسي الفرنسي، وستجرى المرحلة الثانية من الانتخابات الأحد المقبل لانتخاب 577 نائباً بالبرلمان.

استنفرت أحزاب الوسط وأحزاب اليسار وسحبت الأحزاب اليسارية وأحزاب الوسط مئات من مرشحيها على أمل تشكيل تحالف يوقف الانتصار الباهر لليمين المتطرف الفرنسي. المتفائلون يرون إمكان إيقاف النصر اليميني، والمتشائمون يتوقعون فوزاً كاسحاً لليمين، بالتالي مزيداً من الانشقاق والاصطفاف بين الجمهور الفرنسي.

لعل من أهم الانتخابات التي جرت وتجري هذا الأسبوع، هي الانتخابات البريطانية التي تدور رحى صناديقها وقت كتابة هذه المقالة.

يجمع المراقبون على هزيمة مؤلمة لحزب المحافظين البريطاني الذي يحكم البلاد منذ عام 2010، بل يتوقع مراقبون أن يخسر رئيس الوزراء ريشي سوناك مقعده، وألا يتحول حزبه إلى حزب المعارضة الأول الذي يشكل حكومة الظل في سابقة تاريخية بريطانية.

بمكالمة هاتفية مع أحد الأصدقاء من المتابعين المتحمسين لشؤون الانتخابات حول العالم، على رغم عدم وجود انتخابات حرة في بلاده، كان يتحدث كمهتم عن الانتخابات في هذه الدولة أو تلك، ويردد "تكاثرت الظباء على خراش"، ثم انتقل إلى قياس كثرة الانتخابات بعبارة وردت في مسلسل "درب الزلق" الكويتي الشهير الذي يناشد فيه الفنان سعد الفرج أخاه عبدالحسين عبدالرضا بالتوقف عن الأرباح وتزايد الأموال من مشروعهما التجاري، "بسنا فلوس، يا حسين بسنا فلوس"، أي كفانا مالاً يا حسين، فلا نريد مزيداً من المال، لكن صديقي كان يقول "بسنا انتخابات، يا سعد، بسنا انتخابات!".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد