هل يمكن تحقيق تسوية سياسية حقيقية وواقعية بين تركيا وسوريا؟
هل يمكن ترميم الجروح الشخصية لدى كل من الرئيسين رجب طيب أردوغان وبشار الأسد؟
سؤالان يبدوان للوهلة الأولى أنهما قابلان للإجابة السهلة.
السؤال سهل لكن الإجابة صعبة للغاية.
لماذا؟
الخلاف السوري التركي له ملامح وصفات معقدة ومتداخلة للغاية.
الخلاف وصل لمرحلة الصراع، وهذا الصراع وصل إلى مرحلة الصدام العسكري وتطور إلى تمرد بري مسلح لسنوات احتل فيها الجيش التركي أراضي واسعة وفرض عليها قوانينه ولغته وعملته المالية وبضائعه وثقافته.
الصراع معقد لأنه تاريخي، ولأنه جيو سياسي ولأنه عسكري، ولأنه احتلالي، ولأنه ذو بعد اقتصادي.
الصراع من المفهوم التركي هو تحقيق لنظرية الأمن التركي في مقاومة مشروع دولة كردية انفصالية تضرب وتخرب التماسك الديموغرافي والوطني لحوالي 25 مليون كردي تركي.
الصراع من المفهوم التركي لا يصبح آمناً إلا من خلال عمل مناطق عازلة يفرضها الجيش التركي في العراق وسوريا.
الصراع الآن أصبح ضاغطاً على حكم أردوغان بعدما أصبح ملف التخلص من 3.5 ملايين لاجئ سوري من الأراضي التركية وإعادتهم إلى بلادهم ملفاً داخلياً استخدمته المعارضة السياسية ضد أردوغان في الانتخابات الأخيرة.
من المنظور السوري أنها مسألة أمن قومي بسبب الوجود العسكري التركي، ومسألة سيادة وطنية للتخلص من الوجود التركي، ومسألة اقتصاد بعدما قامت أنقرة «بتجفيف» ثروات المناطق التي تحتلها وتسيطر عليها إدارتها.
تصريحات أردوغان أمس الأول «كانت شديدة الإيجابية في هذا المجال بل إنها وصلت إلى حد التفاؤل بإمكانية التوصل إلى تسويات سياسية مع سوريا».
هذه التصريحات أثارت القلق الشديد لدى المعارضة السورية التي تعيش لسنوات تحت المظلة التركية، وأيضاً أثارت مخاوف أكراد سوريا الذين يريدون مناطقهم بحكم إداري ذاتي.
من سوف يدفع ثمن هذه المصالحة؟
هل يدفعها 3.5 ملايين سوري في تركيا أم أكراد سوريا؟ أم ستكون التسوية فيها قبولاً سورياً بوجود إجراءات أمنية أو حزام أمني على الحدود؟
في الحروب يدفع رجل الشارع الثمن وعند التسوية السياسية لا يحصل على تعويض بل يدفع مرة أخرى ثمناً أكبر!