: آخر تحديث

نفوس تحتاج إلى ترميم

12
9
11

مارلين سلوم

كل عيد لا تكتمل فرحته وهناك من يعاني من حروب وأزمات ولا يعرف لحياته أي استقرار، وكلما منّينا أنفسنا بآمال كبيرة مثل انتهاء الحرب على غزة ليهلّ العيد على أهلها بفرح، توالت الأعياد والمأساة تجر أذيال الأحزان خلفها؛ عيد الأضحى المبارك هلّ علينا والنازحون من أهل غزة يعانون ما يعانونه منذ أشهر، لذلك لم تتوقف مبادرات الخير التي تقدمها الإمارات ضمن حملاتها المتتالية عند تقديم الغذاء والملبس والمعونات، بل أطلقت خلال العيد مبادرة جديدة ضمن «عملية الفارس الشهم 3»، مبادرة هدفها التفريغ النفسي لأطفال غزة النازحين في مراكز وخيام الإيواء، من أجل التخفيف من آثار معاناتهم النفسية.

آثار الحرب ليست محصورة بجراح وإصابات بدنية ولا بأعداد متراكمة من الضحايا الأبرياء، بل هناك جراح نفسية كثيرة تصيب كل من عاش هول الحرب خصوصاً الأطفال، والذين نحسبهم غير مدركين لمعاني الحروب وغير مقدّرين لخطورة وأبعاد آثارها وتبعاتها.. هؤلاء جميعاً مصابون، كلهم ضحايا، يحملون جراحاً عميقة غير ظاهرة، يكتشفها من يدرك ما تتركه الحروب من خلل وأثر في النفس البشرية، ومدى تأثيرها على انعدام التوازن في صحة وحياة واستقرار من عانوا ويعانون من تلك الحروب.

الأطفال لا يجيدون التعبير عن خوفهم وعن قلقهم وعن الكوابيس التي تسبّبها الحرب في نفوسهم، فتحسبهم لا يكترثون أو أنهم خرجوا من تحت الأنقاض ومن بيوتهم سالمين معافين.. بينما تجدهم يعانون من آثار قد تبدو جانبية أو غير مباشرة، مثل الصراخ والتوتر والتبول اللاإرادي والعنف والغضب.. لا يجيدون التعبير والحديث والبوح عن مخاوفهم؛ لذلك يحتاجون إلى من يساعدهم لتفريغ الأمراض أو الآثار النفسية.

المبادرة تُسهم في لفت الانتباه إلى الأثر غير المرئي للحرب على الأطفال، فالعلاج النفسي ضروري جداً لكل النازحين، ولكل من عاشوا أجواء الحرب وعانوا من ويلاتها، علماً أن الجانب النفسي يبقى غالباً منسياً ولا تدرجه دول العالم ضمن قائمة الأولويات في تقديم المساعدات للاجئين والنازحين الذين غادروا أرض المعركة بأجسادهم وحملوها معهم في عقلهم، وتستمر في زيارتهم خلال نومهم، وقلبت حياتهم رأساً على عقب، وتسبّبت لهم في تشوهات نفسية، ويعيشون بعدها في حال خوف وعدم استقرار فترات طويلة.

نفوس النازحين بحاجة إلى ترميم، وإلى من يساعدهم في التعبير عن مخاوفهم بأشكال مختلفة وأنشطة؛ كي يتمكنوا من تجاوز هذه المحنة ونسيان الآثار السيئة للحرب، خصوصاً أن المجتمع الدولي، للأسف، لا يضع خطة وبرامج لتأهيل أطفال غزة نفسياً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد