هذه العبارة تنسب إلى أحد رؤساء الولايات المتحدة البارزين، ثيودور روزفلت (1858 – 1919)، الذي لم يكن سياسياً فقط، فهو كما تقول سيرته «مؤلف ومستكشف وجندي وعالم طبيعة»، وإلى ذلك شغل منصب الرئيس السادس والعشرين للولايات المتحدة الأمريكية من عام 1901 إلى 1909. ورغم أنه ينتمي إلى الحزب الجمهوري، لكن يُنظر إليه كزعيم للتيار «الإصلاحي» في الحزب، من خلال برنامجه المحلي المسمى «الصفقة العادلة» الداعي إلى «إنصاف المواطن العادي، والقضاء على الاتحادات الاحتكارية وتنظيم السكك الحديدية، وتنقية الغذاء والدواء».
روزفلت الذي ماتت زوجته وأمه في ليلة واحدة، ما سبب له انهياراً نفسياً، أصبح رئيساً لأمريكا وهو لما يزل في الحادية والأربعين من عمره، فاعتبر أصغر رئيس أمريكي في العمر، ورغم أنه جاء إلى الرئاسة على خلفية اغتيال سلفه ماكينلي في سبتمبر/أيلول 1901، لكن لا بد أن يستوقفنا عمره لحظة اختياره لرئاسة البلاد حين ننظر إلى عمري المتنافسين المرجحين في الانتخابات المقبلة بعد شهور: جو بايدن ودونالد ترامب.
وكون روزفلت جمع بين عدة صفات، كما قلنا، فإننا لا نستطيع أن نجزم في أي سياق قال عبارته عن أن «المقارنة تسرق البهجة»، لكننا وجدناها ضمن مقال عنوانه: «ثماني طرق لقشع التعاسة» من وضع أكاديمي أمريكي اسمه آرثر سي بروكس، ترجمته سمر مرسي، ونشر في مجلة الثقافة العالمية. وليس بالوسع الإحاطة هنا بالطرق الثماني لقشع التعاسة التي عنها تحدث الكاتب، لذلك سنكتفي اليوم بموضوع تجنّب المرء مقارنة حاله بسواه، لا من زاوية التعالي على الآخرين، وإنما من زاوية الشعور بالدونية إزاءهم، حين يشعر أحدهم بأن الآخرين محظوظون أكثر منه، وينطلق الكاتب من قول لبرتراند راسل ناهض فيه فكرة المنافسة، التي تنطلق من شعور البعض بالإحباط لإخفاقهم في التفوّق على الآخرين، فبرأي راسل أن المشكلة لا تكمن في التنافس بحدّ ذاته، بل في أننا نقدّر قيمتنا استناداً إلى ما يملكه الآخرون، وكذا ما يفعلونه.
الأرجح أن راسل ينطلق في دعوته إلى نبذ المقارنة «السارقة للبهجة»، حسب تعبير روزفلت، من كونها تنمّ عن عدم ثقة في الذات، ومن تقليل المرء لقدراته، التي لو وظفها بعيداً عن الوقوع في شرك المقارنة، لأمكنه تطوير نفسه وتحسين وضعه بمعاييره هو لا بمعايير سواه. ولا نظنّ أن راسل عنى إغفال تجارب ملهمة لسوانا نتعلم منها، وما أكثرها، لكن الأمر هنا يختلف، لذلك دعا إلى التالي: «فلينصبّ تركيزك على ما تملكه أنت واستشعر الرضا والامتنان»، لأن الإخفاق في ذلك سيوقع المرء في «مرضٍ» آخر حذّر منه كاتب المقال هو «الحسد»، وقانا الله وإياكم إياه.